صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الاشتباك الدبلوماسي الأردني حول القدس

قدمت الدبلوماسية الأردنية أداء رفيعا في التعاطي مع ملف القدس. ندية محترفة تخاطب العالم بلغة مؤثرة، متسقة مع تاريخ ومصداقية الدولة الأردنية، التي طالما التزمت بالسلام والمعاهدات، لأنها ترى ذلك الطريق القويم لإحقاق العدل والتعايش والاستقرار.

فحوى الرسالة الأردنية أن إسرائيل باقتحامها للمسجد الأقصى ضربت عرض الحائط بكل الترتيبات والتنسيقات السابقة، التي كانت تهدف للتهدئة في القدس في شهر رمضان المبارك ومواسم الأعياد اليهودية، وقد فعلت ذلك إسرائيل دون أن يكون هناك سبب أو مبرر، فالمصلون والمعتكفون لم يفعلوا أي ما من شأنه أن يبرر الاقتحام، فقد كانوا مصلين مسالمين يحيون ليالي رمضان المباركة، وقد التزم الأردن بتعليمات الاعتكاف في الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المعمول بها منذ العام 1967 بعيد الاحتلال الإسرائيلي للقدس والضفة الغربية. الأردن ملتزم بالتهدئة ويوظف مصداقيته أمام العالم ليقول له إن إسرائيل لا تتصرف بما يعزز التهدئة ولا تلتزم بما يتم الاتفاق عليه.

إسرائيل اضطربت وانفعلت من الاشتباك الأردني الفاعل والمتقدم، وبدأت حملة للدفع باتجاه رواية مناقضة للرواية الأردنية، فكان العالم أمام روايتين ويرى بأم عينه ومن حقائق الميدان صدقية الرواية الأردنية. وصل الحد بمسؤولين إسرائيليين يشبهون وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ببن غفير المتطرف والمدان بالمحاكم الإسرائيلية كرئيس لمنظمة إرهابية. المقارنة مقيتة ودنيئة، غير صحيحة بالمطلق، وتعكس حجم الانفعال والغضب من تفوق وإقناعية الاشتباك الأردني.

هو ضرب من تحت الحزام لا يبتاعه أحد دوليا، فالأردن ووزراؤه لا يمكن بحال أن يقارنوا بتطرف بن غفير، والدور الأردني إنما يريد أن يستخدم التنسيق السياسي والدبلوماسي من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار بالقدس، وأن يعطي المصلين الآمنين حقهم في العبادة بسلام، وإن كل ذلك يستند لحقيقة أن القدس الشرقية أرض محتلة بموجب القانون الدولي وأن الاحتلال لا بد أن يزول، وأن قيام الدولة وعاصمتها القدس الشرقية مصلحة أردنية إستراتيجية عليا لا يمكن للأردن إلا أن يوظف كافة أدواته للدفاع عن قيامها. هي مصلحة مرتبطة بمصالح الأردن العليا وبالهوية الوطنية الأردنية.

في ضوء هذا المشهد الذي يتفوق فيه الأردن سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا، ترى محاولات متكررة لنقل هذا الأمر ليصبح معركة سياسية أردنية داخلية. هذا مؤسف يحول الأنظار عن الانتهاكات الإسرائيلية، ويضعف من التعاضد السياسي الداخلي المطلوب من اجل إسناد الاشتباك الدبلوماسي الأردني المتقدم.

بالنسبة للبعض هذا موسم الشعبويات وتسجيل المواقف، وليس الاتحاد في معركة الدفاع عن القدس والمقدسات، ومنهم من يستسهل الانتقاص من الدور الأردني ويحاول النيل منه. الأردنيون في جلهم يدركون أن الأردن قدم ولا يزال كل ما يستطيع من أجل القدس وفلسطين، ولا يقبلون أن يزاود عليهم أحد بذلك، وهم يقفون بصلابة خلف دولتهم في دفاعها عن مصالح الأردن، والتي منها قيام الدولة القابلة للحياة والقادرة على منح الجنسية والدفاع عن القدس بالنيابة عن الأمتين العربية والإسلامية.

التعليقات مغلقة.