صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العمّال في عيدهم.. ماذا يريدون؟

كلّما مرّ بنا عيد العمّال (الذي يصادف بعد غد الإثنين) الأوّل من أيار من كل عام، نعيد طرح السؤال نفسه، ونجري مقارنات بين ما هو واقع وملموس على الارض، وبين العام السابق..والذي سبقه – وهكذا- علّنا نجد اجابات واضحة عمّا اذا كنّا نسير في الاتجاه الصحيح للنهوض بواقع العمل والعمّال في الاردن أم أننا لا زلنا نحتاج لجهد أكبر لتحقيق الاهداف المرجوة؟

ولتشخيص واقع الحال سأستعرض جوانب من واقع الحال لقطاع العمل والعمّال في الأردن:

1 – خلال العام الماضي ومع اطلاق «رؤية التحديث الاقتصادي» زادت الرؤية من أهمية العمل والعمّال، ذلك أن الركيزة الرئيسة في «الرؤية» للسنوات العشرالمقبلة تستهدف رفع معدلات النمو وجذب استثمارات قادرة على خلق نحو (مليون) وظيفة دائمة حتى العام 2033 أي بواقع 100 الف وظيفة سنويا، وتوزعت مسؤوليات خلق تلك الوظائف بين القطاعين العام( 15%) والخاص ( 85%).

2 – ثم جاءت «خارطة طريق تحديث القطاع العام» لتوصي بإلغاء (وزارة العمل) قبل أن يصار لتكليف «المجلس الاقتصادي والاجتماعي» باجراء المراجعات والدراسات اللازمة، فتم تصويب المسار بتوصية الابقاء على وزارة العمل!

3 – بين العام الماضي والحالي برز جدل عمّالي -لا يزال قائما – حول أمرين: الأول – تعديلات قانون الضمان الاجتماعي الجديدة التي لا زالت نقابات عمّالية، وجهات معنية بقضايا العمال وحقوقهم ترى أن التعديلات تظلم فئة مهمّة من المشتركين بالضمان الاجتماعي،..والثاني – يتعلق بالحد الادنى للاجور والذي ترى فيه أيضا جهات نقابية عمالية أنه لم ينصف العمّال والعاملين.

التحديات التي يواجهها قطاع العمل والعمّال في الاردن كثيرة ومتعددة – وهي في غالبيتها – متكرّرة في كثير من دول الاقليم والعالم، ولكن في بلد كالأردن لديه رؤى اصلاحية (سياسية – اقتصادية – وادارية) بات لزاما على جهات الاختصاص- والحكومة بالدرجة الاولى -ايلاء هذا القطاع اهتماما أكبر من أجل تنظيمه، ومن أجل تحقيق الاهداف التي ترنو رؤى الاصلاح لتحقيقها وفي مقدمتها :رفع معدلات النمو وخلق وظائف، وهذا يحتاج الى بيئة عمل تساعد على تحقيق الاهداف المرجوّة، في وقت يواجه فيها قطاع العمل والعمال تحديات في مقدمتها :

– لا زالت قطاعات اقتصادية تعاني من تبعات جائحة كورونا التي أدت لفقدان كثيرين من العمال لوظائفهم.

– هناك كثير من الشركات المتعثّرة تؤخر صرف الرواتب للعاملين فيها بمواعيد تتعدى التاريخ القانوني لتسليمها.

– هناك شركات لا تشرك العاملين لديها بالضمان الاجتماعي، أو تشركهم بأجور أقلّ من الأجور الحقيقية، أو تجبرهم على العمل في العطل الرسمية دون احتساب للعمل الاضافي.

– هناك عمّال في قطاعات اقتصادية غير مشتركين بالضمان الاجتماعي وخصوصا في القطاع الزراعي -على سبيل المثال -.

– ندعو لزيادة الانتاجية ورفع معدلات النمو وكثير من العاملين في قطاعات متعددة يفتقرون للامان الوظيفي وبات غالبتهم يعملون بعقود تجدّد كل بضعة أشهر!

– ملف «العمالة غير الأردنية» لا زال بحاجة لتنظيم وترتيب أكثر من حيث العدد والمهن التي يعملون بها والحدّ الأدنى للأجور وتصاريح العمل وغير ذلك.

– رغم كل التعليمات والتشريعات، الا أن الأرقام والاحصاءات والدراسات العمالية المتخصصة تبيّن ارتفاعا في نسبة «اصابات العمل».

-..رغم كل النداءات والبرامج والاستراتيجيات التي تدعو لتمكين «الشباب والمرأة» الا أن نسبة البطالة – خصوصا لدى النساء – تزداد ارتفاعا.

لن أطيل أكثر من ذلك فالتحديات كثيرة وقطاع « العمل والعمّال « بحاجة لجهد وطني متكامل، فهذا ملف لا يلقى على عاتق حكومة ولا وزارة عمل وحدها، بل يتطلب جهدا وطنيا تتضافر فيه جهود القطاعين العام والخاص والنقابات والمجتمع المدني والاكاديمي والاعلامي وحتى الحزبي، لأنه ملف متداخل بين المتطلبات (التشريعية والمهنية والسياسية والاقتصادية والادارية والاجتماعية..الخ)..وتحدي «البطالة» هو الأكبر والأخطر أمام جميع الحكومات – خصوصا بعد جائحة كورونا – التي لم تنته آثارها على اقتصادات العالم بعد، والأثر الأكثر قسوة كان ولا يزال على قطاع «العمل والعمّال».

التعليقات مغلقة.