صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التصنيع الزراعي.. الحلقة المفقودة في التنمية الاقتصادية

أدرك سيدنا يوسف عليه السلام، أهمية حفظ الحبوب في أوقات الوفرة من أجل الاستعداد لمجاعة مستقبلية. لا تزال فكرة تخزين الموارد بالتجفيف أو التجميد أو التعليب خلال أوقات الوفرة مناسبة اليوم.
هناك أزمتان غذائيتان استجدا مؤخرا؛ عالمية ومحلية الأولى تتصل بنقص حاد في محصول البصل، والثانية بنقص المعروض من الدواجن في شهر رمضان المبارك إضافة الحرب المستمرة في أوكرانيا، تدق بعنف على جدران الخزان وتسلط الضوء مجددا على الحاجة الملحة لخطط وطنية للاحتياطي الزراعي في الأردن.
فالافتقار إلى التقنية الحديثة في مرافق التصنيع الزراعي والحيواني في الأردن عاملاً رئيسياً يساهم في هذه المشكلة، حيث يحد من قدرة المزارعين على الحفاظ على محاصيلهم وتخزينها لاستخدامها لاحقًا. لا يؤثر هذا فقط على سبل عيش المزارعين وعائلاتهم، ولكنه يؤثر أيضًا على توافر الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه ككل.
معلوم أن الأمن الغذائي المستدام قضية ملحة في الأردن، حيث يؤثر غياب الإنتاج الزراعي، مثل التجفيف والتعليب والتجميد، بشكل كبير على الجميع. على الرغم من كونه بلدًا زراعيًا، إلا أن الأردن يستورد جزءًا كبيرًا من طعامه، الأمر الذي لا يضع ضغوطًا على الاقتصاد فحسب، بل يتركنا أيضًا عرضة لنقص الغذاء في حالة حدوث اضطرابات في التجارة الدولية.
وعليه يمكن أن يكون للاستثمار في تصنيع المنتجات الزراعية عائدات اقتصادية واجتماعية كبيرة. من الناحية الاقتصادية، يمكن للقطاع الزراعي أن يكون محركًا رئيسيًا لخلق فرص العمل والنمو الاقتصادي. على سبيل المثال، يمكن أن تخلق وظائف في التصنيع والمعالجة، وكذلك في المجالات ذات الصلة مثل النقل والتوزيع. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد دعم القطاع الزراعي في تعزيز الصادرات وزيادة القدرة التنافسية لاقتصاد المملكة.
على الجانب الاجتماعي، يمكن أن يساعد الاستثمار في التصنيع الزراعي على تحسين الأمن الغذائي والحد من الفقر. من خلال زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة سلسلة الإمداد الغذائي، يمكن لعدد أكبر من المواطنين الحصول على أغذية مغذية وبأسعار معقولة. بالإضافة إلى ذلك، من خلال دعم صغار المزارعين، يمكن أن يساعد الاستثمار في التصنيع الزراعي على تعزيز التنمية الريفية وتحسين سبل عيش الناس الذين يعيشون في المناطق الريفية.
جلالة الملك عبد الله الثاني يولي أهمية كبيرة لموضوع الأمن الغذائي، وأن اهتمامه بهذا الأمر يمكن أن يكون قوة دافعة للخطة الوطنية للزراعة المستدامة للأعوام 2022-2025، ولجهود جميع الأطراف لمواجهة التحديات التي تواجه الأمن الغذائي. لذا فإن تصنيع المنتجات الزراعية يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني وتوليد فرص العمل والحفاظ على العملة الأجنبية وهنا تبرز الحاجة الأردن قطاع زراعي أكثر قوة واكتفاءً ذاتيًا، والذي يمكن أن يوفر إمدادات مستقرة من الغذاء للبلاد، حتى في أوقات الأزمات. ستساعد الخطة الوطنية للاحتياطي الزراعي على ضمان حصول الأردن على إمدادات كافية من الغذاء ويمكن أن تخفف من الآثار المحتملة للأحداث العالمية على أمنها الغذائي. وهذا بدوره سيسهم في الاستقرار والأمن العامين للبلاد.
من الضروري أن يعمل الجميع، بما في ذلك الحكومة والقطاع الخاص، معًا للاستعداد للتحديات المستقبلية التي تواجه الأمن الغذائي. إذ أنه من المرجح أن تصبح هذه التحديات أكثر حدة في المستقبل. من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية، مما سيزيد من تعطيل إنتاج الغذاء. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تؤدي الزيادة السكانية إلى مزيد من الضغط على النظم الغذائية.

التعليقات مغلقة.