صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التضخم في الأردن

الأسباب والسياسات السابقة مكنت الأردن من اجتياز اختبار جنون الأسعار الذي أصاب العالم بسبب جائحة كورونا، وقد أبقتها، بكل صدق، ضمن أقل المستويات في المنطقة.

وفقاً لأحدث المؤشرات الإحصائية الاقتصادية الرسمية والتقارير الدولية، يعتبر معدل التضخم في الأردن الأقل في منطقة الشرق الأوسط.
وفي الربع الأول من العام الحالي، سجل التضخم لشهر نيسان الماضي نسبة 2.9 %، بينما سجل 3.7 % للثلث الأول من العام الحالي، وهو يكون بذلك الأدنى في المنطقة، وهو معدل منخفض مقارنة بدول المنطقة الأخرى مثل لبنان، والعراق، وإيران، وسورية، وحتى دول الخليج العربي.
ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل، منها الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة لمراقبة الأسعار والتدخل الإيجابي في الأسواق. فضلاً عن ذلك، فإن الحملات التي يقودها البعض على صفحات التواصل الاجتماعي حول الأسعار، تقود في النهاية إلى تدخلات حكومية عميقة في بعض الحالات، كما حصل في تسعير الدجاج وبعض المشتقات الأساسية، إذ يساهم ذلك في حماية الأمن المعيشي والحيلولة دون انخفاض القوة الشرائية للمواطن قدر الإمكان، حيث كانت التدخلات في شهر رمضان مثالاً حياً على هذه التدخلات الإيجابية لصالح المواطن.
ومن الأسباب التي أدت إلى جعل التضخم في الأردن الأقل في المنطقة أيضاً، هي تطبيق البنك المركزي الأردني لسياسات نقدية حكيمة ورشيدة، تحديداً، من خلال تحريك الفائدة، حيث قام البنك المركزي بزيادة معدلات الفائدة عشر مرات متتالية، الأمر الذي ساهم في الحفاظ على الودائع من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى.
الاستقرار السياسي والأمني في الأردن قد ساهم إيجاباً في لجم أي تحركات سعرية استثنائية تنشأ نتيجة لعدم الاستقرار، كما هو الحال في بعض الدول المجاورة. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الأردن بموقع جغرافي استراتيجي يجعله مركزاً للتجارة والنقل بين دول الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، مما يساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
زيادة على ذلك، تتمتع المملكة بمنظومة متكاملة من اتفاقيات التجارة الحرة مع تكتلات اقتصادية عالمية وإقليمية. هذه الاتفاقيات ساهمت في توفير كميات كبيرة من السلع والبدائل لها، مما أتاح للمواطن فرصة اختيار السلع الأفضل من حيث الجودة والسعر في آن واحد.
لقد استمرت عمليات الإنتاج الصناعي المحلي بشكل متواصل، ملبية جزءاً كبيراً من احتياجات السوق بمواصفات عالية وأسعار منافسة، رغم كل التحديات، بما فيها ارتفاع تكاليف الإنتاج، الشحن، الطاقة وغيرها، حيث ظلت أسعار المنتج المحلي ضمن النطاق المقبول والمناسب مقارنة بالمنتجات الأجنبية المستوردة، وتحديداً الأوروبية، حيث أدت هذه السياسة إلى زيادة العرض وتحسين جودة المنتجات المحلية.
وبالنسبة لتحركات الحكومة، قامت بعدة إجراءات لاحتواء التضخم وتخفيض الأسعار من بينها تخفيض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الأساسية، تنظيم تسعير البنزين، وتقليص مستويات الرسوم الجمركية إلى أربعة مستويات عوضاً عن 16 مستوى جمركياً سابقاً.
تطبيق برامج التحوط التي تستخدمها البنوك التجارية المحلية ساعد بشكل كبير في احتواء معدلات التضخم لمستويات أقل من نظيرتها في المنطقة، إذ ان هذه البرامج تهدف إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من خلال بيع الأصول والعملات عندما ترتفع الأسعار، وشرائها عندما تنخفض، مما يحد من التضخم.
من جهة أخرى، تعزيز التعاون الدولي عبر الجهود الحكومية لتحسين العلاقات مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، البنك الدولي والصندوق النقدي الدولي، هو عامل آخر يساهم في دعم صادرات البلاد والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
الأسباب والسياسات السابقة مكنت الأردن من اجتياز اختبار جنون الأسعار الذي أصاب العالم بسبب جائحة كورونا، وقد أبقتها، بكل صدق، ضمن أقل المستويات في المنطقة.
ولولا هذه الإجراءات، لكان الوضع المعيشي في الأردن أشد تحدياً بكثير مما قد يتصور البعض.

التعليقات مغلقة.