صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اغتيال الشخصية……ماذا بعد ؟؟؟

بقلم المحامي : محمد المأمون أبو رمان
أما وقد تم تجريم اغتيال الشخصية بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بعد اصداره وتوشيحه بالإرادة الملكية السامية، وما اثير حول ذلك من جدل بين النخب وعوام الناس ما بين مؤيد ومعارض ، ولعل التخوف الكبير كان من أن مفهوم جريمة اغتيال الشخصية مفهوم غير منضبط يصعب حصره وتحديد معالمه ألامر الذي يثير الكثير من القلق من ان يلاحق الكثيرين بجريمة غير واضحة المعالم، ويرى مؤيدوا التجريم ان اغتيال لشخصية يراد به قتل الطموح ، وبث روح الاحباط ، ويقوم على تشويه صورة الاشخاص واضعافهم والصاق التهم التي تحط من قدرهم، واستعداء السلطة عليهم وتحوير مقاصدهم، فاغتيال الشخصية هو موت على قيد الحياة، ينتهج فاعلوه التضليل والبعد عن الموضوعية وذكر انصاف الحقائق بما يتلاءم مع مبتغاهم على طريقة من ليس معي فهو ضدي.
والجدير بالذكر ان الاشخاص الذين يتم استهدافهم في محاولات اغتيال الشخصية في الاغلب يتم رفضهم من المجتمع هم واسرهم او افراد في حياتهم او بيئة عملهم، وكثيرا ما يصعب جبر لضرر وتصحيح ما تم النيل منه من سمعة وكرامة الضحية، ويمكن ان تستمر الاضرار لآخر العمر، او للرموز التاريخية لعدة قرون بعد حياتهم، خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الوسائل الإلكترونية المتاحة حاليا لاغتيال الشخصية هي وسائل لا سقف لها، كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها التي تسبب إضرارا لا حصر لها، ويصعب نفي او تصحيح ما تم نشره او بثه عبر هذه الوسائل، خصوصا ان تفافة المجتمع تتجه الى تصديق الاشاعة وتكذيب كل ما يصدر عن الحكومات، لوجود ازمة ثقة ما بين المواطن والمسؤول .
ومن وجهة نظري الشخصية فإنني اتوافق تماماً مع قانون الجرائم الالكترونية الجديد من حيث التجريم وتغليظ العقوبة على جريمة اغتيال الشخصية التي تثير الفتنة والكذب والافتراء بقصد الاساءة لا شخاص بحد ذاتهم، انتقاما منهم لأسباب لا يعلمها الا الله، وبذات الوقت فأنني ارى ان هناك غلواً ومبالغة من حيث العقوبة الامر الذي يستدعي المراجعة ، فالعقوبة بحد ذاتها ليست الخيار الوحيد للحد من هذه الجريمة، وانما يتوجب على الحكومة ان تستعيد ثقة المواطن واثبات على ارض الواقع الجدية في محاربة الفساد، من خلال تعديل قانون الكسب غير المشروع بصورة تسمح بمراقبة نمو الثروات وفقاً للمعايير الدولية، وان يتم تفعيل المساءلة وتميكن جهات الرقابة من خلال ايجاد المكنات القانونية لتوجيه سؤال من اين لك هذا ؟
وبذات الوقت التأكيد على حرية تدفق المعلومات بخصوص ما يثيره الراي العام من قضايا بإيجاد جهة مستقلة تتمتع بالشفافية والمصداقية العالية لا تتبع للحكومة قطعا، لها حرية الولوج الى بيانات جهات اصدار القرار واستقاء المعلومات لتمكين العامة من الاطلاع على سائر المعلومات من مصادرها الصحيحة والموثوقة لؤد الاشاعة والقضاء عليها، فالجدية بمحاربة الفساد والفاسدين وترسيخ مبدأ لا حماية لفاسد، ومصارحة العامة بالحقائق كاملة من مصادر موثوقة يسهم الى حد كبير في الحد من ظاهرة اغتيال الشخصية ويخلصنا من ثقافة لا دخان بدون نار.

التعليقات مغلقة.