صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المحكمة العليا في إسرائيل تستمع لطعون على تعديل قضائي

استمعت المحكمة العليا في إسرائيل اليوم الثلاثاء إلى طعون مقدمة ضد مسعى ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحد من صلاحياتها، خلال جلسة استماع تاريخية في ظل أزمة تخيم على إسرائيل منذ أشهر.

وانعقدت المحكمة العليا بكامل هيئتها المكونة من 15 قاضيا لأول مرة في تاريخ إسرائيل في قاعة امتلأت عن آخرها للنظر في طعون مقدمة من نواب معارضين وجماعات رقابية على تعديل للنظام القضائي أقره الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو في يوليو تموز ويلغي قدرة المحكمة العليا على إلغاء بعض قرارات الحكومة عندما تعتبرها “لا تتمتع بالمعقولية”.

وعلى الرغم من أن هناك أدوات أخرى متاحة لإلغاء المحكمة قرارات تنفيذية، فإن معارضي التعديل يقولون إنه يلغي أداة مهمة للرقابة والتوازن في النظام السياسي الإسرائيلي. وتقول الحكومة إن هدفها منع القضاة غير المنتخبين من التدخل في السياسة.

وقال إيلان بومباخ وهو أحد ممثلي الحكومة للمحكمة “السؤال الجوهري هنا هو من تكون له الكلمة الأخيرة”.

وتسببت الأزمة في انقسام في المجتمع الإسرائيلي إذ خرجت مظاهرات أسبوعية حاشدة اعتبر المشاركون فيها أن التعديلات التي يطرحها الائتلاف اليميني تشكل تهديدا للديمقراطية، بينما يرى مؤيدو التعديلات أن الاحتجاجات تهدف إلى تقويض دور الكنيست والحكومة المنتخبة.

وعبرت الولايات المتحدة ودول حليفة أخرى لإسرائيل عن قلقها على الديمقراطية فيها.

وقد تحتاج المحكمة العليا إلى أسابيع أو حتى شهور لتصدر حكمها. لكن الخلاف الذي وضع السلطة القضائية في مواجهة السلطة التنفيذية والبرلمان استحوذ على اهتمام الإسرائيليين أنفسهم. وبثت محطات إذاعية وتلفزيونية تغطية موسعة لجلسة المحكمة.

وقال سيمحا روتمان، وهو نائب في ائتلاف نتنياهو الحاكم المؤلف من أحزاب دينية وقومية، وهو يسأل المحكمة خلال الجلسة “هل يمكنكم حقا عقد مناقشة بشأن هذا الأمر دون تحيز وأحكام مسبقة بالنظر إلى أنها مسألة تتعلق بوضعكم وشرفكم؟”.

وقالت رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت ردا على ذلك “نحن لا نناقش أنفسنا ولا وضعنا ولا شرفنا… نحن نناقش المصالح الحيوية للشعب”.

وأضافت أن المعايير المطلوبة لإلغاء قانون أساسي مرتفعة جدا وأن المحكمة لن تلغي القوانين بشكل متكرر لكنها ستفعل ذلك عندما ترى أنه يوجه “ضربة قاضية للأسس الأكثر جوهرية للديمقراطية”.

وتقول جماعات مجتمع مدني وأخرى في مجال الأعمال إن التعديلات القضائية تهدد بإضعاف الاقتصاد وإبعاد الاستثمارات. وتراجع الشيقل بنسبة 0.5 بالمئة خلال اليوم.

وتوقف عدد ليس بالقليل من جنود الاحتياط، يقول قادة الاحتجاجات إنهم بالآلاف، عن الذهاب للخدمة احتجاجا على التعديلات وهو الأمر الذي يقول عنه نتنياهو وبعض قادة الجيش إنه يهدد الأمن الوطني.

وتقول الحكومة إن المحكمة العليا لا تملك أي سلطة لمراجعة تعديلات على القانون الأساسي في دولة ليس بها دستور رسمي مكتوب.

وأصدر وزير العدل ياريف ليفين، الذي شارك في صياغة التعديلات القضائية، بيانا وصف فيه جلسة المحكمة العليا بأنها “ضربة قاضية للديمقراطية ومكانة الكنيست” من قبل قضاة وصفهم بأنهم لا يمثلون أحدا وغير منتخبين.

ووصف يائير لابيد، زعيم المعارضة المنتمي لتيار الوسط، التعديل بأنه “مشوه ويتسم بالبلطجة”، وقال على منصة إكس المعروفة سابقا بتويتر “لا يستحق مثل هذا التشريع خوض نزاع على مستوى البلاد”.

ويقول نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد ينفي ارتكابها، إن التعديلات القضائية تهدف إلى تحقيق توازن بين أفرع الحكومة. ولم يرد نتنياهو بإجابة واضحة عندما سُئل عما إذا كان سيلتزم بحكم من شأنه أن يلغي التشريع الجديد.

وعارضت رئيسة المحكمة العليا حايوت مستشارا قانونيا بالكنيست يدافع عن موقف الحكومة قائلة “من يتعين عليه أن يشرف على معقولية تصرف ما للحكومة؟… هل تتفق مع حتمية وجود قانون لكن دون وجود مُحكّم للقانون؟”. وقال المستشار من جانبه إن المحكمة محتفظة بطرق أخرى للتدخل في قرارات الحكومة.

وأطلق ائتلاف نتنياهو حملة لإقرار التعديلات القضائية التي يتبناها في يناير كانون الثاني.

ومنذ ذلك الحين، ساور الكثير من الإسرائيليين القلق بسبب تبعات الاحتجاجات الحاشدة التي امتدت لصفوف الجيش وسط مخاوف من تصاعد أكبر للعنف مع الفلسطينيين ومخاوف من إيران وحزب الله في لبنان.

وذكر نتنياهو أنه جرى إلغاء بعض المقترحات السابقة في التشريع منذ ذلك الحين. لكن جهوده للتوصل إلى اتفاقيات على حلول وسط مع المعارضين لم تسفر عن نتائج حتى الآن مما يضيف إلى المخاوف حيال تفاقم أسوأ أزمة يشهدها الداخل الإسرائيلي منذ سنوات.

ومع وجود طعنين آخرين من المقرر أن تنظر فيهما المحكمة هذا الشهر، واحتمال أن يصدر الحكم بحلول أواخر يناير كانون الثاني العام المقبل، يقول محللون إن ذلك يمنح بعض الوقت للأطراف للتوصل إلى اتفاق بشأن التعديلات.

التعليقات مغلقة.