صحيفة الكترونية اردنية شاملة

«موجبات» الهدنة في رمضان!

من الواضح تماما هذه المرّة أن الولايات المتحدة الامريكية راغبة بالتوصل لهدنة قبل شهر رمضان المبارك -أو حتى خلاله – يتم بموجبها وقف العدوان الاسرائيلي وتبادل الرهائن والاسرى، بل يتضح من متابعة الأخبار أن موقف الولايات المتحدة هذه المرّة أكثر من مجرد «رغبة» بل انها تعمل على ذلك وعلى أكثرمن جبهة، وهذا الموقف الامريكي له أسباب عديدة يمكن استعراضها على النحو التالي:
1 – من المهم أن نستذكر هنا وقبل كل شيء أن جولة جلالة الملك عبدالله الثاني الاخيرة للولايات المتحدة -كأول زعيم عربي يلتقي الرئيس الامريكي منذ7 اكتوبر/تشرين الاول 2023 -ثم زيارات جلالته الى: كندا وبريطانيا وفرنسا والمانيا، كان من أهم الملفات التي طرحتها الضغط باتجاه وقف الحرب على غزة عموما، وقبل شهر رمضان المبارك «خصوصا»، لما لهذا الشهر من خصوصية لدى المسلمين جميعا، وللتهديدات التي أطلقها ويطلقها المتطرفون في الحكومة الاسرائيلية الذين يقودون قراراتها نحو التأجيج وزيادة التوتر في رمضان من خلال التهديد بمنع المصلين من دخول المسجد الاقصى خلال شهر رمضان بما يهدّد باندلاع جبهة في الضفة الغربية، تريدها وتعمل على اثارتها اسرائيل منذ 7 اكتوبر، بل وقبل هذا التاريخ.
2 – الولايات المتحدة، وعواصم صنع القرار في اوروبا، التقطت الرسالة الملكية وهي تدعم بالفعل هدنة خلال الشهر الفضيل لأن تلك الدول جميعها لا ترغب بتوسيع رقعة الحرب في المنطقة كما تسعى الحكومة الاسرائيلية المتطرفة.
3 – من هنا نقرأ أيضا بعض التطورات والانشقاقات داخل الحكومة الاسرائيلية وداخل مجلس الحرب، تلك الانشقاقات التي لم تكن لتحدث لولا وجود ضغط امريكي حقيقي هذه المرّة، ومنها سحب ملف الاقصى من وزير الأمن القومي الاسرائيلي اليميني المتطرف بن غافير وسحب صلاحياته عن المسجد الاقصى والغاء القيود عن وصول المصلين للمسجد خلال الشهر الفضيل.
4 – من هنا نقرأ أيضا دعوة عضو مجلس الحرب الوزير غانتس لزيارة الولايات المتحدة دون الرجوع او طلب موافقة رئيس الوزراء نتنياهو.. وتقول الانباء أن الدعوة تتعلق تحديدا بالهدنة وتبادل الاسرى والمساعدات وغير ذلك خصوصا بعد حادثة «مجزرة شارع هارون الرشيد».
5 – بعد حادثة «مجزرة الطحين»، وجدت الولايات المتحدة نفسها تغوص في مستنقع احراجات متواصلة تدفعها اليه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، التي ورغم منحها كل الدعم الامريكي المطلق لم تنجح باحراز أية «صورة نصر»، الأمر الذي صار يزيد من كلفة فاتورة سمعة ومكانة الولايات المتحدة وتحديدا ادارة الرئيس جو بايدن داخل الولايات المتحدة وخارجها..مع عدم اغفال ما تسببه «محكمة العدل الدولية» من احراجات وضغوطات باتت تهدد اكثر صورة الولايات المتحدة كداعمة وراعية لكيان لا زال يمارس جرائم الابادة دون اكتراث لقوانين الشرعية الدولية ولا حتى لكل القيم الانسانية.
6 – ارتفاع أعداد الاطفال الذين يموتون جوعا في غزة، بات يثير المجتمع الدولي عبر منصات «السوشال ميديا» ويضغط على حكومات العالم.
7 – الناخبون في الولايات المتحدة باتوا يشكلون ورقة ضغط حقيقية، ونتائج انتخابات ولاية ميشيغان منذ أيام تؤكد ذلك، حين أعلن نحو 100 الف ناخب معظمهم عرب ومسلمون عدم تصويتهم للرئيس الديمقراطي بايدن بسبب موقف ادارته من العدوان على غزة..وتؤكد استطلاعات الرأي الامريكية بأن الحرب على غزة سيكون لها تاثير مباشر على تصويت الناخبين نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في حالة تكاد تكون استثنائية في انتخابات اعتدنا ألاّ يكون للسياسة الخارجية فيها تأثير على نتائج الانتخابات مقارنة بالشأن الداخلي الذي يهم الناخب الامريكي أكثر وخصوصا التأمين الصحي والوظائف والوضع الاقتصادي.
8 – هناك حراك سياسي ودبلوماسي واستخباراتي اقليمي ودولي مستمر للتوصل الى هدنة قبل رمضان بدءا من محادثات باريس، مرورا بلقاء الفصائل الفلسطينية في موسكو، واجتماعات القاهرة حول صفقة الرهائن والاسرى، وليس انتهاء باجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي والاردن يوم أمس في الرياض، في جهود دؤوبة تسعى لوقف الحرب على غزة وادخال مساعدات كافية ودحض كل مؤامرات التهجير.
*خلاصة القول: شهر رمضان المبارك له خصوصية كبيرة جدا عند المسلمين في كل العالم، واصرار اسرائيل على جرائم حرب الابادة سوف تشعل الضفة كما غزة وقد تمتد لكل فلسطين، ولن تقف على الاغلب الجبهة اللبنانية ولا اليمنية ومن وراءهما موقف المتفرج الامر الذي سيوسع الحرب ويهدد أمن الاقليم والعالم.. ولذلك لا بد من جهد حقيقي لوقف العدوان على غزة -ولو من خلال هدنة قبل رمضان.. ولكن هل تستجيب اسرائيل للضغوط الاميركية هذه المرّة..سوف نرى!

التعليقات مغلقة.