صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سورية السابقة!

قبل العدوان الصهيوني على غزة في تشرين الأول الماضي كانت المبادرة العربية الخاصة بسورية قد وصلت الى طريق مسدود، وكان آخر اجتماع في القاهرة كئيبا سياسيا لان جميع الدول المشاركة كانت تدرك انه لا امل بأي خطوة قادمة، فما قبل قمة جدة من اجتماعات في عمان والسعودية وما بعدها لم تفتح الباب أمام خطوة في الملفات الخاصة بسورية والتي جاءت المبادرة من أجلها وأهمها إعادة تأهيل سورية عربيا ودوليا وتفكيك الحصار السياسي والاقتصادي عنها وأيضا ملفي اللاجئين السوريين والمخدرات.

بعد اجتماع عمان والتطورات الإقليمية عادت سورية الى الجامعة العربية وحضر الرئيس السوري القمة العربية وساد بعدها تفاؤل حذر لدى البعض وتشاؤم لدى البعض الآخر الذي ثبتت صحة تشاؤمه.

كان واضحا أن الدولة السورية تتعامل على قاعدة ان انتصارها على المعارضة المسلحة في معظم مناطق سورية هو الذي جعل العرب يسعون للتطبيع معها واعادتها إلى الجامعة العربية، وان سورية لا تحتاج العرب رغم ازمتها الاقتصادية الخانقة وعزلتها السياسية الدولية، وحتى ملف المخدرات وملف اللاجئين السوريين فإن القناعة الرسمية السورية أنهما يشكلان ازمة لدول الجوار والاقليم وليس للدولة السورية، بل ان ملف المخدرات والكبتا غون تحديدا هو ملف اقتصادي للدولة ولجهات موالية لها ولحلفاء من ميليشيات ايرانية، ولهذا لم يكن هنالك اي دافع امام الحكومة السورية للذهاب خطوة إلى الأمام والتعامل مع الاشتراطات الدولية او السعي لحل سياسي للازمة او توفير شروط عودة آمنة للسوريين ولا ان توقف عمليات تهريب المخدرات او نشاطات الميليشيات.

ومع مجيء العدوان على غزة لم يعد ملف سورية مهما لاحد من العرب وغيرهم، وبالنسبة لسورية فإن العدوان ازال عبء اي ضغوطات من اي طرف عليها للتعامل بإيجابية مع المبادرة العربية، وهذا من الناحية النظرية ايجابي للنظام السوري لكنه على المدى البعيد تكريس للازمة وكل اثارها على الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والايجابي بالنسبه له هو بقاء النظام وهو امر لم تكن المبادرة العربية تسعى للعبث به.

لكن فترة العدوان على غزة وماقبلها من عمليات استهداف اسرائيلي مكثف لأهداف ايرانية وحزب الله في المدن السورية عززت قناعة خطيرة على صعيد السيادة السورية وهي اختطاف ايران وميليشياتها للدولة السورية ثقافيا وسياسيا وامنيا واقتصاديا، وحتى لو كان قدوم ايران وميليشياتها إلى سورية بطلب من النظام لمنع سقوطه فإن الثمن الذي تدفعه سورية اليوم كبير جدا، فالارض والسماء السورية خارج سيطرة النظام عندما تريد إسرائيل ضربها، وسورية هي قاعدة عسكرية كبرى لايران وتحت الضرب العسكري الاسرائيلي دائما.

قد يشعر النظام السوري ومعه ايران وميليشياتها بالراحة لتلاشي المبادرة العربية واستمرار توسع النفوذ الإيراني لكن المصلحة الحقيقية لسورية الدولة والناس ان تتخلص من آثار الازمة الكبرى جزئيا او كليا، فتحول آثار الازمة الى جزء من تركيبة سورية السياسية والعسكرية والاقتصادية والسكانية يعني ان هناك سورية جديدة تتكون بالتدريج السيادة الحقيقية فيها لايران، باقتصاد ضعيف جدا وواقع سياسي حتى لو احتفظ بشكليات سورية “السابقة ” الا انه يحمل سورية مختلفة جدا.

التعليقات مغلقة.