صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اعتصام الكالوتي.. ما يجري بالخفاء

ثمة ما يدور في الخفاء من أمور يتوجب على المواطن الاطلاع عليها ليكون أكثر قدرة على تمييز الغث من السمين، وليتمكن من الاحتكام إلى العقل، وأن يكون أكثر منطقية في الحكم عليها والتعاطي معها.

بالنسبة لاعتصامات الرابية التي تجري منذ أيام نصرة للمقاومة، نقول إنه لا يحق لأي كان؛ داخل الأردن أو خارجه، المزاودة على الأردني بهذا الشأن، فهذه ليست المناسبة الأولى التي يعبر فيها الأردني عن ضميره وقناعاته في الانحياز لحقوق الشعب الفلسطيني. تظاهرات الرابية تحرك مبارك، لكن امتداد أيادي جماعة الإخوان المسلمين إليها يؤدي إلى تلويث هويتها، وقتل التعاطف معها.

معتصمو الرابية في معظمهم صادقون، يتعايشون مع ألم الشعب الفلسطيني في القطاع، ويؤلمهم الصمت العالمي، والتخاذل العربي، ولم يعودوا يقوون على احتمال بشاعة المشاهد القادمة من غزة، لكن هناك من يحاول استغلال الدم الفلسطيني وركوب موجة التضامن الأردني الحقيقي والأصيل مع الأشقاء في غزة، بهدف استغلال الدولة، لمآرب حزبية وانتخابية، لا تراعي حرمة الدم الفلسطيني، ولا الاستقرار الأردني.

جماعة الإخوان، التي وصلت لقناعة أن شعبيتها تراجعت خلال السنوات السابقة، وأن حصتها من المقاعد النيابية لن تكون مرضية، سارعت إلى الإعلان عن نيتها عدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، كنوع من أساليب الضغط على الدولة لفتح “حوار” من تحت الطاولة، تحقق فيه بعض المكتسبات. لكن النتيجة جاءت صاعقة بعدم الاستجابة الرسمية، رغم كثير من الوساطات.

الجماعة التي “تلعب على جميع الحبال” بارتباطات خارجية معلنة مع إيران وتركيا، وحماس، التي ندعو الله أن ينصرها في معركتها في غزة، وليس معركتها في الأردن، انتظرت الفرصة المناسبة لممارسة “فن الابتزاز” الذي تجيده. وقد كان ذلك بعد نشر قناة “الجزيرة” خبرا، ثبت لاحقا كذبه، عن تعرض سيدة غزية لعملية اغتصاب، لتسارع الجماعة إلى انتهاز الفرصة، وتعميم رسائل نصية تدعو إلى “النفير النفير”.

الإخوان، ومن هم خلفهم، واهمون إن اعتقدوا بقدرتهم على لي ذراع الدولة، فمحاولة الاستثمار الإخوانية هذه لن تجدي نفعا، بعد بلوغ غرورها درجة غير مسبوقة، باعتمادها على الدعم الإيراني والتركي، وغيره، وهي دول تعرضت إلى إحراجات كبيرة من الأردن عندما تمكن وحده من تنفيذ عشرات الإنزالات الجوية التي تحمل مساعدات للأشقاء في غزة، فيما هي دول تكتفي بالتصريحات الإعلامية الرنانة، دون فعل أي شيء على أرض الواقع.

تبعات ما يحدث من استثمار للجرح الفلسطيني النازف ستكون كبيرة إن لم ننتبه إلى “مقاصد تحركات” الجماعة، وهي تبعات لا يكترث بها الإخوان، فجل همهم ينصب على ابتزاز الدولة لتحقيق مآربهم. تلك التبعات ستؤثر على الاستقرار والأمن والسلم المجتمعي، وعلى الاقتصاد والسياسة، وعلى جميع ما تحقق حتى اليوم من منجز نفتخر به.

المرحلة الحالية لا تحتمل الاختباء خلف كلمات الدبلوماسية، حتى لو لم تعجب كثيرين، وعلى الدولة أن تضع حدا لما يجري في الرابية، عبر تنفيذ القانون بكل حزم تجاه من تسول له نفسه الاستهانة بالوطن ومقدراته ورموزه، والتعامل مع ملف الإخوان المسلمين بجدية أكبر وبشكل يجلعنا أكثر هدوءا وأمنا من مؤامرات داخلية وخارجية تحاك ضد البلد.

التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق كفله الدستور، أما التصعيد وتنفيذ أجندات لمصلحة جهات خارجية، فهو خيانة واضحة، ينبغي ألا يتعامل معها إلا بـ”الجراحة”.

التعليقات مغلقة.