صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لماذا نصر على ضرب قدرة جامعاتنا؟!

لا يبدو مجلس التعليم العالي مكترثا بمناقشة التحفظات والاعتراضات أو حتى البدائل الأخرى المطروحة من أكثر من جهة لقراره الأخير بإلغاء استثناءات قبول الطلبة الوافدين الى مؤسسات التعليم العالي الأردنية من ناحية المعدلات، وهو القرار الذي اعترف مسؤولو وزارة التعليم العالي ذاتهم بأنه سيخفض أعداد الطلبة الوافدين للجامعات الأردنية، الرسمية والخاصة، مما يعني انخفاضا في العملات الصعبة.

لسنا ضد تجويد مخرجات التعليم العالي والمحافظة على سمعة التعليم العالي في الأردن، كما بررت الوزارة قرارها المفاجئ، الذي لم تطرحه للنقاش قبل اتخاذه رسميا، فتجويد التعليم العالي والارتقاء بمستواه سواء للطلبة الأردنيين أو الوافدين هو المطلوب، حيث أشبع مختصون تراجع مستوى التعليم الملموس بحثا وتشريحا، وإن كان التركيز في الغالب هنا كان على مخرجات هذه الجامعات من طلبة أردنيين.

إذا كانت الدول العربية والأجنبية التي تبتعث أو تقبل دراسة طلبتها في جامعاتنا لم تفرض شروطا بمساواة معدلات طلبتها بالتوجيهي بالطلبة الأردنيين لمختلف التخصصات، فهذا لا يعني أن على الجامعات الأردنية، رسمية أو خاصة، أن تتهاون في دورها بالتعليم والتأهيل للطلبة الوافدين كما الأردنيين، حتى مع انخفاض معدل الطالب الوافد بالتوجيهي عن زميله الأردني.

نعم، لا يجوز أن يحابى الطالب الأجنبي في تخصص الطب، أو أي تخصص، بالدراسة والتأهيل والامتحانات عن الأردني، حتى وإن قبل في الجامعة وفق نظام الاستثناء بالمعدل إذا ما كانت دولته لا مشكلة لديها بوجود الاستثناء، وهنا المطلوب من مجلس التعليم العالي ووزارته أن تمارس دورها بالرقابة وضمان ألا يحابي أحد طالبا وافدا على حساب مستواه التعليمي والتحصيلي في الجامعة أو الكلية.

هذا هو دور التعليم العالي والجامعات وهذا ما يجود التعليم، وليس فرض شروط على الدول الأخرى بالمعدلات. إذا أرادت دولة أن تضع شروطها تجاه معدلات القبول في الأردن فلها ذلك، تماما كما فعلنا نحن في الأردن بوضع تعليمات معدلة منذ العام 2022 برفع الحد الأدنى لمعدلات قبول الطلبة الأردنيين الراغبين بالدراسة في الخارج كالآتي: الطب وطب الأسنان (85 %) بالتوجيهي أو ما يعادله، الهندسة والعمارة، والصيدلة، والطب البيطري (80 %) وباقي التخصصات تطبق عليها الحدود الدنيا لمعدلات القبول في الجامعات الأردنية الرسمية.

المشكلة أن قرار التعليم العالي المذكور جاء بعد تبني الحكومة الحالية استراتيجية وزارة التعليم العالي التي ركزت على استقطاب المزيد من الطلبة العرب والأجانب للدراسة بالجامعة الأردنية، الذين وصل عددهم هذا العام إلى أكثر من 46 ألف طالب وطالبة. ولم تتضمن الاستراتيجية المذكورة سوى كيف نركز على زيادة أعداد الطلبة الوافدين، ليأتي قرار إلغاء استثناءات المعدلات، ولتبشرنا الوزارة أن ذلك سيخفض، بلا شك، عدد الطلبة الوافدين آلافا عدة.

الجامعات في الأردن تبحث عن أموال لسد عجوزاتها وتراكم مديونياتها، فبالتالي استقطاب الطلبة الوافدين يعد إحدى الوسائل لمعالجة تلك المشكلة وليس بتضييق الخناق على استقبال الطلبة الوافدين.

المفترض أن الحكومة تركز على استقطاب الطلبة الوافدين لتشغيل ومساعدة جامعاتنا الرسمية والخاصة، خاصة وأن الرسمية، كما نعلم، تعاني عجزا متزايدا وتلجأ الى رفع الرسوم للكثير من التخصصات، في ظل أكبر ضائقة اقتصادية ومعيشية أردنية باتت تحرم الكثيرين من دخول الجامعات. والمشكلة تظهر أكثر لدى الجامعات الخاصة التي تحاول تعويض خسائرها وكلف تشغيلها العالية باستقطاب المزيد من الطلبة الوافدين لتبقى صامدة ومتطورة، ناهيك عما تسهم به من رفد الاقتصاد الوطني من عملات صعبة وإنعاش للحركة الاقتصادية في البلد.

إذا كنا نعاني أردنيا اليوم أشد المعاناة من انخفاض وتراجع السياحة الخارجية وأيضا العلاجية لظروف موضوعية خارجة عن إرادتنا، فليس مقبولا أن نكمل الحلقة بضرب قدرتنا على استقطاب الطلبة الوافدين، بدل أن نفكر بطرق ابتكارية أخرى لزيادة توافدهم للأردن!

التعليقات مغلقة.