صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الرياضة والعنصرية.. وازدواجية معايير الغرب

تفتح قضية استهداف رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب، من قبل سلطات الاحتلال، والتضييق على تحركاته، مسألة المبادئ العليا التي يرفعها الغرب في وجوهنا يوميا، والحريات الكثيرة التي يسوق لها، ويتبناها من غير تحفظ، كما يدعي.
سلطات الاحتلال كانت احتجزت الرجوب قبل أيام أثناء عودته إلى فلسطين، ثم أطلقته بعد وسلمته أمر استدعاء للتحقيق معه لاحقا، علاوة على تلقيه تهديدات عديدة.
الاتحادان؛ الدولي والآسيوي لكرة القدم، لم يتدخلا أبدا في الأمر، وكأن الموضوع لا يعنيهما، بل على العكس من ذلك تماما، إذ كان الاتحادان قد اتخذا قرارا بحرمان المنتخب الفلسطيني من اللعب على أرضه مباراة ضد منتخبنا الأردني ضمن المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم 2026، وهو قرار ظالم لا يساوي الاتحاد الفلسطيني ببقية الاتحادات العالمية، وفي الوقت نفسه يصب في مصلحة الاحتلال وإدامته.
سلوك سلطات الاحتلال مفهومة لدينا نحن الذين اختبرنا عنصرية الدولة الصهيوينة على مدار 76 عاما، ولكن ما يجعلنا نقف حائرين هو سلوك الاتحادات الدولية تجاه هذا الكيان، وأيضا من الصراعات العديدة التي تدور في العالم، وكيف هي المعايير المزدوجة التي يتم فيها التعامل مع تلك الصراعات.
حين أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، عوقبت موسكو بجميع أنواع العقوبات، وصولا إلى المحافل الدولية، فمُنع لاعبوها من المشاركة في العديد من البطولات والفعاليات؛ الفردية والجماعية، وتم فرض عقوبات رياضية ضد الروس على نطاق واسع، إضافة إلى منع لعب أي منافسة دولية على الأراضي الروسية.
ولكن، ما نراه اليوم من سلوك للاتحادات العالمية تجاه كيان الاحتلال مختلفا تماما عما فُرض على روسيا. فرغم مرور أكثر من 300 يوم على أبشع محرقة وتطهير عرقي في العصر الحديث، ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، إلا أن العالم الرياضي “المحايد والنزيه”، ما يزال يفتح ذراعيه واسعا للاتحادات الرياضية للكيان الصهيوني، ويعتبرها اتحادات أصيلة، متشكلة في دولة طبيعية!
هداني تفكيري للعودة إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية، والتي تم اعتمادها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ففي بنودها العديدة تتجلى مضامين إنسانية وحقوقية عديدة، ومن ضمنها البند الذي يؤكد أن الاتفاقية “تدرك أن الاتصال الرياضي بأي بلد يمارس الفصل العنصري في الألعاب الرياضية يمثل تغاضيا عن الفصل العنصري ودعما له، وانتهاكا للمبادئ الأولمبية”.
هذا أحد البنود الأساسية في تلك الاتفاقية، ولكنه لا يعدو أن يكون مجرد روعة في الإنشاء، وسردا يراد له أن يكون جميلا ومؤثرا في النفس، بعيدا عن أي تطبيق عملي له، فالكيان الصهيوني يمارس الفصل على أساس عنصري منذ تأسيسه، ومع ذلك لم تتم معاقبته ولا مرة، لا في المحافل الرياضية ولا السياسية ولا الاقتصادية.
لكن الاتفاقية لا تتوقف عند هذا الحد من الرومانسية الإنشائية، بل تتعداه إلى التأكيد “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة للحيلولة دون الاتصال الرياضي بأي بلد يمارس الفصل العنصري، وتضمن وجود وسائل فعالة لتحقيق التقيد بهذه التدابير”.
نحن فعلا نريد أن تكون هناك وسائل فعالة لوقف الممارسات العنصرية ضد الفلسطيني، وأن ندعم وجوده في دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس المحتلة، وأن نتعامل معها ككيان حقيقي، لا كما يريدها الصهيونيون؛ أرضا مقطعة الأوصال. فهل يتحقق ذلك؟!

التعليقات مغلقة.