صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مشاريع الشراكة.. طريق لخلق حيز مالي!

يعي الجميع حجم التطور في العديد من القطاعات بفضل سرعة انتشار وتطور التكنولوجيا ووسائلها وادواتها وتوظيفها في إحداث نمو وتطوير في العديد من القطاعات، ولعل من أبرز تلك القطاعات قطاع الصحة، التعليم، النقل والخدمات وغيرها، نظراً لما تشكله هذه القطاعات من عبء على الموازنة، والتزامات من قبل الحكومات تجاه المواطنين، فضلاً عن سعي الحكومة المستمر للنهوض بهذه القطاعات.
إذا ما نظرنا إلى ما هو مرصود لهذه القطاعات في الموازنات الحكومية وعلى مدار أعوام عديدة ومنها العام الحالي، فقد بلغت مخصصات قطاع التعليم في الموازنة العامة حوالي 11.6% (نفقات جاري ورأسمالية) من اجمالي الموازنة البالغة 12.37 مليار دينار، في حين بلغت للقطاع الصحي 10.3%.
وإذا ما قارنا هذه المخصصات المالية بحجم التطور الذي تشهده هذه القطاعات من تطورات وإحتياجات ومواكبة تحقيق الجديد والتنافسية فيها، نجد ان الاستمرارية في رصد مخصصات بهذا النسب او ما يدور في فلكها يجعل عملية مواكبة التطور في هذه القطاعات عملية صعبة، ان لم تكن مستحيلة، خصوصاً في ظل التطورات التكنولوجية التي تشهدها هذه القطاعات، هذا من جانب، ومن جانب اخر استمرار السير بهذا الأسلوب لا شك بأنه يشكل ضغطاً وارهاقاً على الموازنة العامة.
وفي ضوء ما ندركه ويدركه القارئ من محدودية للموارد، وظروف اقتصادية وسياسية إقليمية صعبة تفرض وقعها على المجريات المالية العامة خصوصاً، والسياسية والاقتصادية على وجه العموم.
وفي محاولة للوصول الى فكرة أو بارقة أمل في إطار تخفيف الضغط على الموازنة العامة، فلا بد من إعادة توجيه الموارد إلى محاور وقنوات تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني عموماً، وتحفز الاقتصاد بصورة أكبر، وتخلق فرصا للنمو وتساهم في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وهذا من خلال خلق حيز مالي مناسب يساعد في تعزيز الانفاق الرأسمالي والانفاق على مشاريع ذات مردود وعوائد على الاقتصاد من خلال حفظ او إيقاف الانفاق على بعض المشاريع التي يمكن تمويل بعضها من خلال برامج ومشاريع شراكة مع القطاع الخاص، خصوصاً في قطاعات مثل الصحة والتعليم، وبحيث يكون القطاع الخاص قادراً على مواكبة التغيير والاستجابة للتطورات المتسارعة في هذه القطاعات بما يجعلها قادرة على تقديم خدمات مميزة للمواطنين من جانب، ومواكبة التطور وتحقيق توازن للقطاع الخاص الذي ستنعكس فوائده على قطاعات وجوانب أخرى من جانب آخر.
التوجيهات الملكية جاءت في عدة مناسبات لتؤكد على ضرورة تسريع مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما أن رؤية التحديث الاقتصادي فتحت المحال واسعا امام المضي قدما نحو مشاريع شراكة خصوصاً في ظل إشتمال الرؤية على مشاريع شراكة تقدر بحوالي 10 مليار دينار. وفي ضوء الحيز المالي المتاح والضغوطات التي تتحملها الموازنة، فإن السير قدماً بمشاريع الشراكة أصبح ضرورة ملحة. وهذا يستدعي التأكيد باستمرار على فاعلية قانون شراكة عصري، سهل وواضح ييسر ويحفز القطاع الخاص سواء كان محلي او أجنبي، وقيام مشاريع واضحة ذات بعد استراتيجي ومدروسة من قبل الحكومة بعناية ودقة، وهو ما يساعد في إعادة توجيه بعض الموارد المالية ويلعب دوراً مهماً في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيزه.
مشاريع الشراكة ليست دعماً من القطاع الخاص للحكومة، وليست امتيازاً تمنحه الحكومة للقطاع الخاص، وإنما هي شراكة هادفة يستفيد منها طرفا الشراكة وتنعكس في النهاية على الخدمات المقدمة للمواطنين. ولا بد أن يكون هذا المفهوم هو الإطار الناظم لمشاريع الشراكة، مع ضرورة أن تقود الحكومة هذه الجهود، بحيث تتولى زمام المبادرة في تحديد وتوجيه مشاريع الشراكة والسعي الحثيث لجذب واستقطاب القطاع الخاص للمشاريع ذات الأولوية وتشجيعه على الدخول فيها، خصوصاً في القطاعات التي تم الإشارة إليها نظراً لما تمتلكه من فرص للقطاع الخاص من جانب، وحاجة للنهوض بها على أعلى المستويات من قبل الحكومة من جانب آخر.

التعليقات مغلقة.