صحيفة الكترونية اردنية شاملة

غاز أردني باستثمار وطني

افتتاح أول محطة مستقلة لتعبئة الحافلات بالغاز الطبيعي في الموقر خلال الأيام المقبلة يمثل انطلاقة عملية لهذه الرؤية، ويؤسس لبنية تحتية حديثة تدعم نقل الغاز للصناعات ومختلف القطاعات الاقتصادية

مشروع “غاز وطني” نموذج حقيقي للاستثمار الوطني بين شركتين أردنيتين بامتياز، شركة تسويق المنتجات البترولية (جوبترول) وشركة غاز الأردن، ضمن شراكة إستراتيجية مدروسة، وبإشراف حكومي كامل من وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وبدعم مباشر من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن.اضافة اعلان
هذا المشروع الإستراتيجي تقوده شركتان وطنيتان واضحتان في أدائهما ودورهما، إذ إن شركة (جوبترول)، كعادتها، تثبت أنها شركة مبادرة وسبّاقة دائماً في مشاريع الطاقة الكبرى، من جهة أخرى، تبرز شركة غاز الأردن، كلاعب رئيسي في هذا المشروع، كشركة رائدة تمتلك رؤية واضحة لتطوير سوق الغاز الوطني، وما يميز المشروع أكثر أن الاستثمار فيه أردني بالكامل، مما يعزز بقاء العوائد داخل البلاد ويزيد من قوة الاقتصاد الوطني في هذا التوقيت الحرج.
مشروع “وطني” يمثل تحركاً مدروساً لدعم الاحتياطيات النقدية بالدولار من خلال تقليل حجم الفاتورة النفطية التي كانت ترهق الميزان التجاري الأردني، فالأثر الاقتصادي لهذا المشروع لا يقتصر على التوفير فقط، بل يمتد إلى تحريك عجلة النمو، تخفيف الضغط على العملة الأجنبية، وتحسين بيئة الاستثمار الصناعي محلياً.
الاتفاقية الإستراتيجية التي وقعتها وزارة الطاقة مع جوبترول وغاز الأردن تأتي في إطار انسجام كامل مع الرؤية الوطنية للطاقة، والتي تركز على تنويع مصادر التزود وتنمية الاستثمار المحلي، من خلال نقل الغاز إلى المدن الصناعية وإيصاله مستقبلاً للقطاع المنزلي في عمان والزرقاء، تتجسد الرؤية بوضوح: طاقة وطنية بأيدٍ وطنية تخدم جميع القطاعات بأعلى مستويات الكفاءة.
الشراكة الإستراتيجية بين الشركتين تعزز انتشار الغاز الطبيعي ويدعمه كبديل رئيسي لمصادر الطاقة التقليدية، خاصة في القطاعات الصناعية، فهذا التحالف لم يأت من فراغ، بل استجابة مباشرة لحاجة الصناعات الوطنية لمصادر طاقة أقل كلفة وأكثر استدامة، وهو ما ينعكس على تنافسية الصناعة الأردنية محليًا وإقليميًا.
مواكبة تطورات التكنولوجيا في قطاع الطاقة استدعت أيضاً تطوير التشريعات الناظمة، فتم إصدار تعليمات واضحة لترخيص محطات تعبئة الحافلات بالغاز الطبيعي، وإدخال تعديلات جوهرية على المحطات القائمة، وإعداد تشريعات جديدة لتنظيم تحويل الشاحنات والمركبات إلى الغاز الطبيعي، فهذه الإجراءات لا تقتصر على قطاع النقل، بل تصب مباشرة في دعم القطاعات الصناعية التي تعتمد على مصادر طاقة موثوقة ومنخفضة الكلفة، مما يسهم في تعزيز استقرار التكاليف التشغيلية للصناعات الوطنية.
افتتاح أول محطة مستقلة لتعبئة الحافلات بالغاز الطبيعي في الموقر خلال الأيام المقبلة يمثل انطلاقة عملية لهذه الرؤية، ويؤسس لبنية تحتية حديثة تدعم نقل الغاز للصناعات ومختلف القطاعات الاقتصادية، فالتجربة الأردنية في هذا المجال تؤكد أن التنسيق الفعال بين وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن وباقي الجهات المعنية، أرسى نموذجًا يمكن البناء عليه لدعم الصناعات المحلية بموارد طاقة وطنية.
هذا المشروع يشكل أحد الأعمدة الأساسية لرؤية التحديث الاقتصادي، خصوصًا فيما يتعلق بتخفيض كلف الإنتاج الصناعي وتنويع مصادر الطاقة، والاعتماد على الغاز الطبيعي الوطني يعزز الأمن الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ويدعم الصناعات الأردنية من خلال توفير مصدر طاقة مستقر وذي كلفة تنافسية، مما يساعد على رفع إنتاجيتها وزيادة قدرتها على التصدير والنمو.
في البعد البيئي، التحول إلى الغاز الطبيعي سيساهم بشكل مباشر في تقليل الانبعاثات الناتجة عن الصناعات، مما يحسن من كفاءة الأداء البيئي للقطاع الصناعي، ويعزز مكانة الأردن في الالتزام بالمعايير الدولية للطاقة النظيفة.
أخيرًا، مشروع “غاز وطني” ليس مجرد مبادرة طاقة، بل هو استثمار إستراتيجي في دعم الصناعات الوطنية، وتخفيض فاتورة الطاقة على المصانع، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني ككل، في إطار تكاملي مع رؤية التحديث الاقتصادي وخطط التنمية المستدامة.

التعليقات مغلقة.