المنتدى الاقتصادي الاردني يُصدر ورقة سياسات شاملة تناقش مدى قدرة النفقات الرأسمالية على دعم رؤية التحديث
المنتدى: النفقات الرأسمالية تُعاني من تقلبات هيكلية أثرت وبشكل كبير على استقرار المشاريع التنموية
المنتدى: الشؤون الاقتصادية الأعلى تركزا في الهيكل القطاعي للنفقات الرأسمالية والحماية الاجتماعية والبيئية الأقل
المنتدى: 19.2% من النفقات الرأسمالية موجهة لقطاعات غير مرتبطة مباشرة بمحاور الرؤية
المنتدى: الحكومة تواجه تحدياً في تحويل المشاريع المخطط لها إلى واقع ملموس في ظل القيود المالية والضغوط على الموازنة
المنتدى يدعو لتطوير إطار استراتيجي للإنفاق الرأسمالي متوسط المدى (3-5 سنوات) ضمن نظام موازنة البرامج والأداء
المنتدى يوصي بإنشاء آلية مؤسسية لتخطيط وإدارة الاستثمارات العامة ترتبط مباشرة برؤية التحديث الاقتصادي
المنتدى يوصي بزيادة نسبة النفقات الرأسمالية تدريجياً لتصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030
المنتدى يوصي بتطوير صندوق استثماري للمشاريع الرأسمالية الاستراتيجية يُموّل من مصادر متعددة
المنتدى يسعى لوضع معايير واضحة لقياس فاعلية الإنفاق الرأسمالي وربطه بتحقيق الأهداف التنموية
أطلق المنتدى الاقتصادي الاردني ورقة سياسات جديدة بعنوان “النفقات الرأسمالية بين الطموح والتحدي: هل تقود رؤية التحديث الاقتصادي؟”، وذلك مع افتتاح جلسة الصالون الاقتصادي، بحضور رئيس المنتدى مازن الحمود، وشارك في الجلسة كل من رئيس قسم اقتصاد الأعمال بالإنابة في الجامعة الأردنية الدكتور رعد التل، وعضو هيئة تدريس في قسم اقتصاد الأعمال في الجامعة الأردنية الدكتور غازي العساف، وهما أستاذان ساهما في إعداد الورقة، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس إدارة المنتدى والهيئة العامة.
واشارت الورقة، استناداً إلى التحليل التفصيلي للنفقات الرأسمالية في الموازنة الأردنية ومدى مواءمتها مع رؤية التحديث الاقتصادي، إلى أن النفقات الرأسمالية تُعاني من تقلبات هيكلية أثرت وبشكل كبير على استقرار المشاريع التنموية، إذ بلغت هذه النفقات ذروتها في عام 2022 بقيمة 1512.3 مليون دينار، لتتراجع في 2023 إلى 1377.2 مليون دينار، ثم ارتفعت في 2024 إلى 1729.3 مليون دينار، قبل انخفاضها المتوقع إلى 1468.7 مليون دينار في موازنة عام 2025.
وشددت على ان هذا التذبذب يعكس غياب التخطيط الاستراتيجي متوسط المدى للاستثمارات العامة، مما يحد من قدرة القطاعات الاقتصادية على بناء توقعات مستقرة، ويضعف من إمكانية تنفيذ المشاريع الكبرى ضمن جداول زمنية محددة.
وبيّنت أن هناك فجوة تنموية في مستويات النفقات الرأسمالية مقارنة بالاقتصادات العالمية الأخرى، حيث تتراوح نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي بين 2.7% و4.6%، وهي أقل بشكل ملحوظ من المعدلات المعيارية للاقتصادات الناشئة (5-7%) ومن متوسط الدول المتوسطة المقارنة (5.5-5.8%).
وذكرت أن هذا الانخفاض يفسر جزئياً تواضع معدلات النمو الاقتصادي في الأردن (2.7%) مقارنة بالدول التي تخصص نسباً أعلى من ناتجها المحلي للاستثمارات الرأسمالية كماليزيا (5.2%).
وأكدت أن أبرز ما يُميّز الهيكل القطاعي للنفقات الرأسمالية هو التركّز الكبير على قطاعات محددة، حيث تستحوذ الشؤون الاقتصادية على 30.2%، والإسكان والمرافق المجتمعية على 17.4%، والصحة على 12.4%، والتعليم على 9.9%، وفي المقابل، تعاني قطاعات الحماية الاجتماعية (0.9%) وحماية البيئة (1.5%) من محدودية المخصصات، مما يحد من قدرة السياسة المالية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنمو الشامل.
وأظهرت الورقة أن هناك مواءمة جزئية فقط مع محاور رؤية التحديث الاقتصادي، إذ تحظى محاور تطوير قطاعات النمو بنسبة (30.2%) وتنمية رأس المال البشري بنسبة (22.3%) وتحديث البنية التحتية (17.4%) بالنصيب الأكبر من المخصصات، في حين تعاني محاور الاستدامة البيئية والحماية الاجتماعية من فجوة تمويلية واضحة.
كما بيّنت أن 19.2% من النفقات الرأسمالية موجهة لقطاعات غير مرتبطة مباشرة بمحاور الرؤية، مما يشير إلى ضعف في آليات مواءمة الموازنة مع الأولويات الاستراتيجية.
ولفتت الورقة إلى أن التوزيع الجغرافي للنفقات الرأسمالية يُعاني من اختلال هيكلي، إذ لا تُمثل المخصّصات الموزعة على المحافظات سوى 9.2% من إجمالي النفقات الرأسمالية (135.5 مليون دينار من أصل 1468.7 مليون دينار)، بينما الغالبية العظمى (90.8%) مخصصة لمشاريع وطنية أو مركزية، إن هذا الوضع يُضعف وبشكل كبير من فعالية النفقات الرأسمالية في تحقيق التوازن التنموي بين المناطق.
وذكرت الورقة أن استراتيجية تنفيذ الرؤية الاقتصادية للمملكة تعتمد على مشاريع كبرى بقيمة إجمالية 9524 مليون دينار، وهذا بكل تأكيد يتطلب مصادر تمويل خارج الموازنة العامة، خاصة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والتمويل الدولي.
وأكدت أن هذا التوجه يمثل نموذجاً جديداً في تمويل المشاريع التنموية، لكنه ينطوي على تحديات تتعلق بقدرة الحكومة على استقطاب هذا الحجم من الاستثمارات في ظل المنافسة الإقليمية والعالمية، وفي ضوء الظروف الجيوسياسية المتقلبة في المنطقة.
وبيّنت أن مقارنة مخصصات النفقات الرأسمالية مع البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي تُظهر وجود اختلاف واضح في ترتيب الأولويات، إذ يُركز البرنامج التنفيذي على محركات استراتيجية كالموارد المستدامة (733 مليون دينار) والريادة والإبداع (537 مليون دينار)، بينما تتجه النفقات الرأسمالية في الموازنة نحو قطاعات النمو التقليدية والبنية التحتية، وهذا التباين يشير بشكل صريح إلى وجود فجوة بين التخطيط الاستراتيجي والبرمجة المالية.
وشددت على أن الاستثمارات في الأصول غير المالية تُهيمن على بنية الإنفاق الرأسمالي بنسبة (50.8%)، متبوعة باستخدام السلع والخدمات (27%) والنفقات العسكرية (18.8%)، مشيرة إلى أن هذا التوزيع يعكس توجهاً نحو توسيع قاعدة الأصول الإنتاجية للدولة، لكن ارتفاع حصة النفقات العسكرية يأتي على حساب القطاعات الإنتاجية الأخرى.
ونبهت إلى أن الحكومة تواجه تحدياً في تحويل المشاريع المخطط لها إلى واقع ملموس، وبخاصّة في ظل القيود المالية والضغوط على الموازنة العامة، حيث يتطلب نجاح هذه المشاريع تطوير البيئة التشريعية والمؤسسية، وتعزيز قدرات القطاع العام في إدارة المشاريع الكبرى، إضافة إلى تطوير آليات مبتكرة للتمويل تتجاوز الاعتماد التقليدي على الموازنة العامة.
ودعت الورقة، إلى تطوير إطار استراتيجي للإنفاق الرأسمالي متوسط المدى (3-5 سنوات) ضمن نظام موازنة البرامج والأداء، بحيث يضمن استقرار مخصصات النفقات الرأسمالية وحمايتها من التقلبات السنوية، مشددة على أن ذلك يتطلب إنشاء آلية مؤسسية لتخطيط وإدارة الاستثمارات العامة، ترتبط مباشرة برؤية التحديث الاقتصادي وتعمل على مواءمة المشاريع الاستثمارية مع الأولويات الاستراتيجية.
وأوصت بزيادة نسبة النفقات الرأسمالية تدريجياً لتصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، من خلال إعادة هيكلة الإنفاق العام لصالح الاستثمارات ذات العائد التنموي المرتفع، وتقليص النفقات الجارية غير الضرورية، مؤكدة أن هذه الزيادة ينبغي أن تكون مصحوبة بتحسين كفاءة الإنفاق الرأسمالي وتوجيهه نحو القطاعات ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي الأكبر.
وطالبت بتطوير نظام متكامل لتقييم المشاريع الرأسمالية قبل وأثناء وبعد التنفيذ، بحيث يستند إلى معايير موضوعية تشمل العائد الاقتصادي والاجتماعي، والأثر البيئي، والتوزيع الجغرافي، ومدى المساهمة في تحقيق أهداف رؤية التحديث، كما ويجب أن يتضمن هذا النظام مؤشرات أداء محددة وقابلة للقياس لكل مشروع، ومراجعة دورية للنتائج المتحققة.
ودعت إلى ضرورة تعزيز التوازن القطاعي في النفقات الرأسمالية، مع زيادة المخصصات الموجهة للقطاعات ذات الأولوية في رؤية التحديث الاقتصادي، خاصة الاستدامة البيئية (من 1.5% إلى 5% على الأقل) والحماية الاجتماعية (من 0.9% إلى 3% على الأقل)، مشددة على أن ذلك ينبغي أن يترافق مع إعادة توزيع المخصصات داخل كل قطاع بما يعظم الأثر التنموي.
كما أوصت بالعمل على تطوير صندوق استثماري للمشاريع الرأسمالية الاستراتيجية، يُموّل من مصادر متعددة تشمل الموازنة العامة، ومساهمات القطاع الخاص، والتمويل الدولي، والإصدارات السيادية، مؤكدة أن هذا الصندوق يمكن أن يكون أداة فعالة لتمويل المشاريع الكبرى وحمايتها من تقلبات الموازنة، مع ضمان الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارة موارده.
ودعت الورقة إلى زيادة حصة المحافظات من النفقات الرأسمالية بشكل تدريجي لتصل إلى 25% على الأقل من إجمالي النفقات الرأسمالية بحلول عام 2030، مع تطوير معايير عادلة للتوزيع تراعي الاحتياجات التنموية المختلفة للمحافظات ومستويات البنية التحتية ومؤشرات الفقر والبطالة، مؤكدة ضرورة تعزيز دور المجالس المحلية في تحديد الأولويات الاستثمارية وتقييم المشاريع.
وأوصت بتطوير آليات مبتكرة لتمويل المشاريع الرأسمالية، بما فيها الصكوك الإسلامية، وسندات المشاريع، وصناديق الاستثمار المشترك، وتعبئة تحويلات المغتربين، مشددة على أن هذه الأدوات يُمكن أن توفّر مصادر تمويل إضافية خارج الموازنة العامة، وتُساهم في تنويع الأعباء المالية للمشاريع الكبرى.
وشددت على تطوير المنظومة الوطنية للمتابعة والتقييم، من خلال إنشاء منصة إلكترونية لرصد تنفيذ المشاريع الرأسمالية بشكل دوري، وإصدار تقارير ربعية حول التقدم المحرز والصعوبات والإجراءات التصحيحية، مؤكدة ضرورة تضمين هذه المنظومة آليات للمساءلة والمحاسبة، وإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في عملية الرصد والتقييم.
واختتمت الورقة توصياتها بالدعوة إلى زيادة الاستثمار في مشاريع الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا النظيفة، مع التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك المياه والزراعة المستدامة والنقل النظيف، مشيرة إلى أن هذه المشاريع يُمكن أن تحقق منافع اقتصادية وبيئية مزدوجة، وتعزز تنافسية الاقتصاد الأردني في مجالات ذات قيمة مضافة عالية.
وبدوره، أكد رئيس المنتدى مازن الحمود، في مداخلته خلال الجلسة، على أن المنتدى يسعى لوضع معايير واضحة لقياس فاعلية الإنفاق الرأسمالي وربطه بتحقيق الأهداف التنموية ومستويات التشغيل، مشدداً على أن هناك ضرورة وطنية لإعادة النظر في آليات إعداد الموازنة العامة.
وأكد الحمود على أن الاستثمار في البنية التحتية والتنمية المستدامة ركيزة لأي اقتصاد يريد أن ينافس ويصمد في ظل التحولات الإقليمية والدولية، مضيفا ان الأردن لديه الإمكانات البشرية والمؤسسية التي تمكّنه من بناء نموذج تنموي قادر على النجاح.
وفي نهاية الجلسة دار حديث موسّع بين الحضور والأستاذين المشاركين حول مضامين الورقة واستنتاجاتها، حيث طُرحت تساؤلات حول قدرة الموازنة العامة على استيعاب التوصيات الواردة، وإمكانية تنفيذ المشاريع الكبرى في ظل التحديات المالية القائمة.
كما ناقش الحضور مدى واقعية المقترحات المتعلقة بزيادة حصة المحافظات، وأهمية بناء قدرات محلية في التخطيط والرصد.
التعليقات مغلقة.