صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حكومة النسور في الميزان الاقتصادي

0

ثلاث سنوات مرت على حكومة الدكتور عبد الله النسور، كانت كفيلة بأن تجعل تقييم الحكومة مبني على حقائق على أرض الواقع، من خلال ما مرت به تلك الوزارة التي تعد من الأطول عمرا في تاريخ البلاد.
قبل ثلاث سنوات كانت الأوضاع الاقتصادية تسير باتجاه مظلم دامس نتيحة جنون اسعار النفط (100دولار) وانقطاع الغاز المصري (خسائر تتجاوز ال3.5مليار دينار)، وتنامي فاتورة الدعم (ملياري دينار) بمختلف انواعه، وتراجع النمو الاقتصادي الى مستويات متدنية بحدود ال2 بالمائة، هذه كلها جعلت الاقتصاد الاردني على مفترق طرق، خاصة في ظل استمرار تداعيات الوضع الامني المقلق في الجوار وازدياد العنف في المنطقة، ما اثر على دخل المملكة من العملات الصعبة المتأتي من الدخل السياحي الذي هبط بحدود ال18 بالمائة، وتوقف شبه كامل للتدفقات الاستثمارية الاجنبية.
أمام هذه التحديات الاقتصادية الجسيمة؛ دخلت حكومة النسور على الدوار الرابع باتخاذ جملة من القرارات الاقتصادية الصعبة، أبرزها رفع الدعم عن المحروقات وزيادة الرسوم الضريبية والجمركية على عدد من السلع والخدمات، ما جعل الخزينة قادرة على تلبية جزء من نفقاتها التمويلية المتزايدة، وكخطوة اولى نحو اعادة العلاقات مع المانحين الذين بدأت مساعداتهم تتدفق الى المملكة من جهة، وبناء اتفاق ضمان للتسهيلات مع اكبر مؤسسة اقتصادية عالمية وهي صندوق النقد الدولي، الذي وقع الاردن معه اتفقا لمدة ثلاث سنوات يحصل من خلاله على ملياري دولار كقروض مقابل جملة من الشروط أهمها رفع اسعار الكهرباء بشكل تدريجي وصولا الى الكلف الحقيقية في عام 2017.
هذه مرحلة نستطيع ان نصفها بمرحلة الثبات والاستقرار لاساسيات الاقتصاد الاردني، وقد تمت المرحلة بنجاح نتيجة تظافر العديد من العوامل المساعدة من ابرزها ان الحكومة استطاعت ان تقطف ثمار المعالجات الامنية لموضوع الحراكات والمظاهرات التي تلاشت تقريبا في عهد حكومة النسور، ناهيك عن ارتفاع الدعم الاجنبي والمساعدات للمملكة، وتوفر الكثير من المنح في الخزنية لتمويل المشاريع الرأسمالية مثل المنحة الخليجية بقيمة 4 مليار دولار تقريبا، ناهيك عن ضعف الاداء الرقابي لمجلس النواب وحالة ترهل كبيرة في وسائل الاعلام، ما جعل حركة الحكومة في اتخاذ القرارات اكثر مرونة واسرع دون ان تواجه ضغوطات مباشرة عليها تحد من اجراءاتها.
في المقابل؛ الحكومة واصلت السياسة الجبائية على مختلف المستويات في الوقت الذي انهارت فيه اسعار النفط العالمية باكثر من 50 بالمائة (40-50 دولار)، واستمرت في رفع الاسعار خاصة في التعرفة الكهربائية التي كان المنطق يقتضي ان تنخفض او حتى ان تقف عند حدودها السابقة قبل عام تقريبا، لكن الحكومة استمرت بذات النهج الذي ساهم في زيادة الضغوط المالية على القطاع الخاص من جهة، وارتفاع الاعباء المعيشية على المواطنين الذين تآكلت دخولهم بشكل كبير في الاعوام الاخيرة، وهو ما جعل في المحصلة النشاط الاقتصادي في المملكة يتراجع ويسجل نموا متواضعا لا يتجاوز ال2 بالمائة مقابل تصريحات متفائلة للحكومة بان النمو سيكون بحدود ال4 بالمائة .
سيذكر التاريخ جيدا فترة حكومة النسور خاصة وانها الحكومة الاكثر اقتراضا في تاريخ المملكة، ففي عهدها ارتفع الدين بنسبة 100 بالمائة تقريبا، حيث كان عندما استلمت مهامها 12.2 مليارد دينارـ وها هو اليوم يتخطى حاجز ال23 مليار دينار، اي ان الدين زاد باكثر من 9.5 مليار دينار، والاخطر من ذلك كله هو ان الحكومة الراهنة بدأت باللجوء الى الاقتراض لسداد التزاماتها تجاه الدائنين، اي انها تقترض من اجل سداد قروض اخرى مثلما حصل في سداد قرض سندات اليورور بوند واستملاكات الاراضي.
الذي سيأتي وراء حكومة النسور سيعاني الامرين، ولن يجد مجالا للتحرك الاقتصادي، فالحكومة الحالية لم تترك شيئا الا ورفعته ولا مساعدات الا وتلقتها ولا بابا للاقتراض الا وطرقته، ما يجعلنا نقول: “الله يكون في عون اللي بيجي وراك يا نسور”.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.