صحيفة الكترونية اردنية شاملة

نهوية الاقتصاد الضائعة

0

هل باستطاعة أي جهة أو مراقب أو محلل أن يصف لنا هوية الاقتصاد الأردني فيما إذا كان اقتصادا رأسماليا حرا، أم اشتراكيا؟.
نظريا وفقا للدستور والقوانين النافذة فإن الاقتصاد الأردني رأسمالي، وواقعيا هو اشتراكي إلى حد كبير، والحكومات المتعاقبة من جهتها تحتفظ بالهويتين معا حسب الحاجة.
عندما يرتفع عجز الموازنة وتقل إيرادات الدولة تلجأ الحكومات إلى سياسة رفع الأسعار تحت مظلة ما يعرف بإزالة الدعم، على اعتبار أنه خلل كبير في الاقتصاد ولا يصح بقاؤه، ولا بد من إيجاد آلية جديدة لإيصال الدعم الى مستحقيه، ثم تبدأ عملية رفع الأسعار الى ان يتحقق الهدف المالي الآني من الرفع.
على صعيد آخر تشكل حصة القطاع العام من الناتج المحلي الاجمالي والمقدر بحوالي 22 مليار دينار ما نسبته 56 بالمئة اذا ما أضفنا المؤسسات والهيئات المستقلة، وهذه نسبة كبيرة للغاية حتى في الدول التي تعمل اقتصادياتها وفق النظام الاشتراكي لا تصل مساهمة الدولة الى هذه النسبة.
الحكومة معنية بشبكة أمان اجتماعي كبيرة الحجم تتجاوز 1.5 مليار دينار سنويا، وهذه العملية جزء من منظومة الاجراءات التي اتبعتها الجهات الرسمية خلال العقود الماضية للمحافظة على استقرار المجتمع، وقد نجحت في ذلك.
هنا تكمن العقدة الاجتماعية للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات في السنوات القليلة الماضية، فقد بدأت عمليات سحب بساط الامان الاجتماعي من تحت شرائح عديدة في المجتمع دون ان يكون هناك عملية إحلال تدريبي وتشغيلي لتلك الشرائح من جهة، ودون ان تتوسع مكتسبات التنمية في المحافظات وتزداد فرص العمل من جهة اخرى.
اغلب المواطنين اعتادوا على الدعم من الحكومة، سواء أكان بالتعليم ام الصحة ام دعم المحروقات او السلع او الخدمات المختلفة، وهو عنصر رئيسي من عناصر اقتصاديات الدول الاشتراكية، لذلك فإن التخلص منه يتطلب اولا واخيرا تحسينا في مستويات دخول المواطنين، ولا يتحقق هذا من خلال زيادة مخصصات الرواتب من قبل الخزينة، بل من خلال رفع سوية الاعمال للاردنيين وتأهيلهم للانخراط اكثر واكثر في اسواق العمل بتخصصات شتى.
في النهاية نجحت الحكومات المختلفة بادارة دفة الاستقرار النسبي للاقتصاد الوطني ومسكت العصا من المنتصف ما بين اشتراكي ورأسمالي، لكن هذه مرحلة قاربت على الانتهاء مع تزايد الضغوطات الاقتصادية على المملكة، والتراجع عن سياسات الدعم ليس بسبب سياسات رسمية معينة، لكنها في الحقيقة فرضتها ظروف قاهرة وتحديات جسيمة على الاقتصاد.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.