صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مــاذا بـعـــد اتفـــاق النــووي؟

0

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية الاثنين أن التقديرات تشير إلى أن اتفاق النووي سينجز اليوم الأربعاء، في ظل المفاوضات الجدية التي تجري في “لوزان” بسويسرا بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد.
وسواءً صدق هذا التقدير أم لا، فإن أغلب المؤشرات باتت تذهب في اتجاه تأكيد التوصل للاتفاق، إن كان هذه الأيام أم بعد وقت لا يبدو أنه سيطول، من دون استبعاد احتمال تعثرها من جديد، وبالطبع في ظل مساعي المحافظين للدفع نحو التشدد في المطالب.
صراخ نتنياهو اليومي لا يعني الكثير هنا، ويبدو أن واشنطن قد أغلقت أذنيها مرحليا؛ تجنبا لسماع ذلك الصراخ رغم أنه يجد صدىً كبيرا في أوساط الجمهوريين في الولايات المتحدة، بخاصة أن الجميع يدرك أن نتنياهو فاجر بكل معنى الكلمة، وأنه يريد الاتفاق، ولكن بتفاصيل مذلة للطرف الإيراني.
بدوره يريد أوباما تحقيق هذا الإنجاز الذي انتظره طويلا، ولن يسمح بإفشاله، وهو منذ شهور طويلة يمارس سياسة العصا والجزرة مع إيران، لكنه يقدم الجزرة بشكل أكبر، عبر التسامح مع بشار الأسد، والإيحاء بقبول بقائه في السلطة (بشار نفسه غازل واشنطن في مقابلته الأخيرة مع قناة أمريكية)، هو الذي يشكل بقاؤه أهم ركن في مشروع التمدد الإيراني، فضلا عن التعاون مع إيران في العراق، وكذلك الحال في اليمن لولا التطور المفاجئ بإطلاق السعودية لعاصفة الحزم.
الشعب الإيراني ينتظر بفارغ الصبر سماع خبر إنجاز الاتفاق، فقد تعب من العقوبات ويريد التخلص منها، ويتمنى تحسين أحواله الاقتصادية، لكن من يريد ذلك بشكل أكبر هو روحاني وعموم الإصلاحيين، ليس لتطبيق برنامجهم الموعود وحسب، بل أيضا على أمل مساهمة ذلك في تقليم أظافر المحافظين، وإن بالتدريج.
هذا الأمر يدركه تماما التيار المحافظ بقيادة الحرس الثوري ورعاية المرشد، لكنه يقف حائرا بين رفضه للاتفاق الذي يمنح دفعة قوة كبيرة للإصلاحيين، وبين الحاجة إلى المال ورفع العقوبات من أجل المساعدة على احتمال النزيف الكبير؛ من سوريا إلى العراق، فضلا عن اليمن الذي بات شبيها بسوريا من حيث كلفة الإبقاء على الحوثيين في الحكم، ومواجهة الهجوم الخليجي عليهم.
في حال إقرار الاتفاق، سيكون متوقعا، وهنا تتبدى المعضلة، أن يتسبب ذلك في دفع المحافظين نحو المضي في مغامراتهم الفاشلة في سوريا واليمن والعراق، وبالطبع بعد الحصول على دعم مالي، من خلال رفع العقوبات، إلى جانب الحصول على الأموال المجمدة في الولايات المتحدة.
هذا يعني أن أحلام الشعب الإيراني بالاستفادة من الاتفاق تحسينا في وضعه الاقتصادي ستتبخر، لاسيما أن النزيف يتصاعد، والمأزق في اليمن سيحتاج مصاريف أكبر، وتقدم ثوار سوريا في مناطق عديدة سيتطلب صرفا أكبر لتغيير ميزان القوى.
هنا سيعتمد الأمر على ردة فعل الإصلاحيين على هذا المسار، وما إذا كانوا سيسكتون، أم سيواصلون السكوت بتعبير أدق، على مغامرات المحافظين مهما استنزفت إيران اقتصاديا، وحتى سياسيا بوضعها في حالة عداء مستحكم مع الغالبية الساحقة من المسلمين. ومن المثير على هذا الصعيد أن خطاب روحاني ورفسنجاني حيال اليمن قد أخذ يحاكي خطاب المحافظين المجنون.
مؤسف أن يصل المرء لهذه النتيجة، فما نأمله أن تعلو أصوات العقل من إيران مطالبة بوقف هذا النزيف، وهذه المغامرات المجنونة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع العرب وتركيا للتوصل إلى صفقة تنهي هذه المأساة المدمرة لكل المنطقة، والتي تتحرك فصولها من صنعاء إلى دمشق وبغداد، وصولا إلى بيروت، وربما عواصم أخرى لاحقا.
الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.