صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هل أنصفت الثورات العربية المرأة؟

0

برغم أن المرأة العربية شاركت بقوة، ومنذ البداية، في الثورات التي قامت في تونس ومصر وسورية واليمن وغيرها، في العام 2011، إلا أنه باستثناء تونس، يبدو من الصعب القول إن حقوق المرأة أحرزت تقدما ملموسا خلال الأربع سنوات الماضية. ذلك أن الثورات العربية رفعت شعارات مهمة؛ مثل الكرامة والعدالة الاجتماعية والتخلص من الاستبداد، لكنها أغفلت واحدة من أهم القيم التي من شأنها بناء نظم ديمقراطية مستقرة ومزدهرة، ألا وهي قيمة التعددية.

الإيمان بالتعددية يجب، بالضرورة، أن يشمل بالإضافة إلى النواحي السياسية والثقافية والدينية، الإيمان بل والعمل من أجل التساوي الكامل غير المنقوص في الحقوق بين النساء والرجال؛ لأن من يسمح لنفسه بالتمييز ضد مكون من مكونات المجتمع، يسمح بالتمييز ضد أي مكون آخر، فما بالك إن كان هذا المكون يشكل نصف المجتمع؟ وللأسف، ما نزال بعيدين عن هذا؛ مجتمعيا وتشريعيا. وكما أن حقوق باقي مكونات المجتمع لم تتحقق في أغلب الدول التي طالتها تغييرات في نظمها منذ العام 2011، فإن حقوق المرأة أيضا ما تزال تراوح مكانها، ونحن نشهد زمن الثورات المضادة؛ إذ تعاضدت العديد من قوى الوضع القائم مع القوى الراديكالية لعكس أي تقدم في مجال الحريات العامة، بما في ذلك حرية المرأة.

تونس تعطينا الدروس مرة أخرى بشأن كيفية التعاطي مع حرية المرأة تشريعيا، إن تأخر الركب مجتمعيا. إذ نص الفصل 21 من الدستور التونسي الجديد على أن: “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز”. كما نص الفصل 46 على أن الدولة تضمن “تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمّل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات”. ونص الفصل نفسه أيضا على أن الدولة “تسعى إلى تحقيق التناصف بين الرجل والمرأة في المجالس المنتخبة”. ولا يعني هذا أن كل ذلك قد تحقق، ولكنه يعني أن المرأة التونسية لها اليوم حقوق الزواج المدني، ومنع تعدد الزوجات، ومنح الجنسية لأبنائها، والمساواة التامة في مجال العمل؛ وكل ذلك بموافقة حزب النهضة الإسلامي. كما يعني أن نسبة تمثيلها الحالية في البرلمان التونسي، والبالغة 31 %، هي أعلى من أي دولة عربية.

ما تزال المرأة في الأردن بعيدة عما حققته المرأة التونسية، وليس هناك من سبب مقنع لهذا. وتنص المادة السادسة من الدستور الأردني على أن: “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”. ولم تذكر المادة الأردنيات صراحة. وعندما حاولت اللجنة الملكية لتعديل الدستور، والتي شكلت في العام 2011، تعديل هذه المادة لإزالة اللبس، طلب منها من قبل الدولة عدم فعل ذلك. فإلى متى ستبقى فزاعة النزاع العربي-الإسرائيلي عائقا أمام تقدم مجتمعنا؟

بعد عشر سنوات من إقرار الأجندة الوطنية، بمحافظيها وليبرالييها، وبالإجماع لمادة تنص على ضرورة “إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة في التشريعات الأردنية”، فإن ما تحقق هو جزء يسير مما يستحق مجتمعنا. لقد تمت إضافة بعض التحسينات فيما يتعلق بإجازة الأمومة وحق التنقل والتحرش الجنسي، فيما أُغفلت أمور أساسية؛ كالمساواة في الولاية على الأولاد، وحق إعطاء الجنسية للأبناء، والمساواة التامة في العمل، وغير ذلك.

هناك نوع من الانفصام بين الخطاب الرسمي الأردني، وواقع حال المرأة في الأردن اليوم. وجميل أن يكون لدينا خمس نساء في الحكومة، شرط أن لا يُصرف النظر عن التعديلات التشريعية التي تعطي المرأة حقها، من دون أن تنتظر منة من أحد.

الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.