صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المرة الأولى ..والأخيرة!

0

شمّ رائحة القهوة المغلية على النار ، فتوسعت فتحتا أنفه وهو في غرفته يقرأ بعض الصحف التي وصلته باكراً في صندوق الاشتراك.. فهو يقضي هذا الأسبوع كإجازة قسرية، فأمين الحزب في اجتماع عربي..وعليه فلا يوجد أية نشاطات على المستوى المحلي..

دخلت زوجته بيدها فنجان قهوة وكوب ماء، طوى الرجل الجريدة جانباً وابتسم لها مرحّباً…ثم سألها : أين فنجانك؟!..المرأة بخوف وتردد: اعتقدت انك مشغول فلا أريد أن أقطعك عن عملك..

صاح منسق الحزب المُجاز: شغل ماذا يا إنصاف!…احضري فنجانك حالاًً …فهرولت المرأة إلى المطبخ بسرور بالغ أحضرت فنجانها وعقدت شالها في منتصف رأسها وجلست على الكرسي المقابل…

وهو ينقل صحن الفنجان والفنجان على خطوتين قال الرجل لزوجته: بتعرفي يا إنصاف!..الشركات ، المؤسسات، الجمعيات ،الحكومات، حتى الأحزاب بين الفترة والأخرى تراجع أداءها لتصحح مسار عملها…اخذ رشفة ثم تابع: تعرف أين أخطأتْ وأين أصابتْ..لتتلافى الأولى وتعززّ الثانية في المستقبل..

بقيت إنصاف تفتح وتغمض عينيها ببلاهة فريدة ،تمسك الفنجان بيمينها والصحن بيسارها وهي تهزّ رأسها دون أن تعرف ماذا يريد زوجها نادر الكلام من هذا الكلام النادر!…ثم تابع بعد ان لعق ما سال على شفته السفلى من قهوة : وتعرفي عملي كمنسّق حزب ، ومسؤول عن جودة الصوت بالميكرفونات وأسعار المطبوعات وبطاقات التهنئة وحجز القاعات علّمني أن أكون ديمقراطياً إلى ابعد احد أراجع أدائي وأقوّم أخطائي وأصوّب ما اعوججت عنه..رفعت الزوجة الطيبة رأسها إلى أعلى وقالت متوسّلة لله: من فوق سابع سما يخليلي إياك يا رب..!..

اخذ رشفة ثانية وعاد للحديث: أكثر من 20 سنة وإحنا متجوزين ، أكثر من عشرين سنة وأنا أجد قمصاني مكوية ، بناطيلي معلقة، أحذيتي ملمعة ، غدائي في موعده وأقراص علاجي قرب سرير نومي ..الغريب انك لم تنتقديني مرّة واحدة!…وكوني منسق حزب ديمقراطي ومسؤول عن جودة الصوت بالميكرفونات وأسعار المطبوعات وحجز القاعات..أحب أن تصارحيني بأخطائي…لا أريد أن يتحوّل البيت إلى نظام عربي وزعيم خالد ومقدّس..انتقديني وبالغي في القسوة عليّ، فروحي تدرّبت طويلاً على تقبل النقد ، على العكس كلما انتقدتني أكثر كلما قبّلت يديك أكثر لأنك عرفتني على أخطائي ..وجعلتني اقرب للكمال ..هيا قولي ما ترينه عيباً فيّ لأصلّحه فوراً هيا:

وضعت الزوجة الفنجان جانباً وهي تحلّق على متن غيمة من الفرح، وقالت: لا والله طوال عشرين عاماً لم أجد فيك عيباً واحداً، فأنت حنون،وكريم، ومخلص،وحكيم ، وملتزم ، وذو شخصة قوية ، و تملك حدساً فريداً ، كما انك حساس ، وقائد حقيقي ، وإنسان بقلب عصفور بنفس الوقت…

قاطعها الرجل: اعرف اعرف…أنا أسألك ما هي عيوبي..هيا قولي!… أنا منسق حزب ديمقراطي وأتقبل كل العيوب التي في…

الزوجة بطوفان من السعادة : صدقني لم أجد بك صفة ناقصة…

الزوج وبإصرار عجيب: استغفر الله الكمال لله..قولي ما هي عيوبي بسرعة…

الزوجة الطيبة من عظيم محبتها لم تر صفة معتمة في لوحة تحكّم الرجل ..فقالت له على سبيل المشاركة ليس الا: أبدا…لكن لدي ملاحظة بسيطة…

الزوج تزحزح عن الكرسي ثم قال بعينين مفتوحتين: ها ..خليني اسمع!..

الزوجة: بدلتك الزرقاء بتاخذ العقل وبتجنن…بس ليش بتلبس عليها “جوارب برتقالي” محزّز “ليموني” اللون أبدا مش متناسق !… احمرّ وجه الرجل، تعرّق، ضرب بيده على الطاولة طار الفنجان بسقف الغرفة….

حالة الزوجة الآن: تفتت في الساق اليمني، صمم تام ، انحراف في الفك السفلي..هذا وقد وجدت الزوجة الجديدة 4 اسنان من أسنان إنصاف في كيس “المكنسة الكهربائية” بعد شهرين من الحادثة!

سواليف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.