صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حكومة هدى وأسعار الكهرباء‎

0

تستحق حكومة الدكتور عبد الله النسور ان توصف بـ ( حكومة هدى ) لان مواجهة العاصفة الاخيرة هو إنجازها الوحيد ، او صور على انه انجاز ، فالجمهور الاردني دُفع الى مدرجات الحكومة للتصفيق لها تحت ضجيج تصريحات وتحركات رئيسها ووزرائه ، التي ضاقت بهم شاشات الاعلام بينما لم يتم التوقف من جهة محايدة للتعرف على طبيعة هذا الإنجاز . بالنسبة للبلد وللناس يكون التغلب على العاصفة الثلجية هو تمكينهم من الخروج من منازلهم الى طرق مفتوحة سالكة ( كما يحدث في موسكو وكندا على سبيل المثال ) تمكنهم من الوصول الى أماكن عملهم ومصانعهم وجامعاتهم ومتاجرهم ، ما حدث انهماك كبير في ازالة ثلوج كانت لا تزال تهطل بغزارة ، لهذا انتصرت العاصفة هدى وليست الحكومة ، لانها جعلت من ( انجاز الحكومة ) بدون معنى ، فقد كانت البلد مشلولة ، والناس محاصرين في منازلهم ، لا عمل ولا حتى لهو على البساط الأبيض ، إنما ( طبخ ونفخ وتعبئة بطون ) لقد كان أسبوعا من الكسل الجماعي الاجباري .
الشوارع فتحت عمليا ليتحرك عليها الرئيس وبعض وزرائه في زياراتهم التي صورها التلفزيون ،اما الناس فقد أخضعوا لحالة طوارئ غير معلنة منعوا خلالها من الخروج الى الشوارع مع التحذير المرفق بالتهديد بفرض عقوبات ان هم فعلوا !. والسؤال كان : ماذا لو تركت الشوارع كما هي ( كما تعامل اللبنانيون مع العاصفة زينا أي هدى عندنا ) وبدأوا ورشة العمل عند توقف الهطول ، في ظل تنبؤات جوية اثبتت دقتها ، أكان الامر قد احتاج الى أوامر ونواهي تُقّرع الناس ان هم تجرأوا بالخروج !! لأنهم في واقع الحال سيكونوا مجبرين على البقاء بمنازلهم ما دامت الثلوج تغلق الشوارع ؟!
مع ذلك ومن باب قلب الصفحة عن انجاز لم نسمع عن حكومات اخرى تباهت بمثله ، نعود الى ( إنجازات هذه الحكومة ) الاخرى فلا نجد لها من عناوين الا الرفع في الضرائب والأسعار وصولا الى رفع معدلات البطالة ، ولان صلب سياساتها تتمحور حول هذا فإنها تقود الان البلاد والعباد وفي مقدمتهم النواب الى ساحات التعجب وطرح التساؤلات عن سر حرصها على رفع أسعار الكهرباء في ظل انخفاض أسعار الطاقة الى معدلها قبل ٦ سنوات على الأقل ، وبذلك تكرس هذه الحكومة صفة اخرى لها ( غير حكومة هدى ) وهي ( حكومة رفع الأسعار والضرائب ) التي لم يقابلها انخفاض بالمديونية او في نسبة البطالة وهي تصر على المضي في سياسات الرفع رغم انها تعيش في ظل انخفاض كبير في أسعار النفط الذي يفترض ان يخفض بدوره أسعار الطاقة المستخدمة بالصناعة والنقل والخدمات ومنها الكهرباء .
في المواجهة بين الحكومة والنواب حول رفع أسعار الكهرباء كان من الخطأ دخول النواب في مساومات مع الحكومة حول تخفيض نسبة الرفع بدل رفضه بالمطلق ،لان المسألة ليست مالية بقدر ماهي محاكمة مواقف وسياسات هذه الحكومة ورئيسها في الجانب الاقتصادي . فعندما حرر النسور أسعار الطاقة قبل سنوات كان ذلك بحجة وضع التسعيرة النفطية الداخلية حسب الأسعار العالمية نزولا وصعودا . وعلى هذه الحجة كان يجب ان يستند رفض النواب لقرارها برفع أسعار الكهرباء ، أما ان تترك الحكومة تتخلى بسهولة عن ( تسعيرة السوق) وتعود الى أسلوب تغطية العجز في نفقات الموازنة بالجباية ( واللي مش عاجبه يشرب البحر ) فهذا لا يتماشى مع ادعاءاتها بإصلاح الاقتصاد ، ولا مع النظريات الليبرالية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني .
ان عملية التوسع في سياساتها المالية القائمة على مزيد من الضرائب سترهق الطبقات المتوسطة والفقيرة معيشيا وهي المرهقة أصلا ، كما انها تضع عراقيل إضافية امام الصناعة الوطنية التي تواجه منذ سنوات عجزا متزايدا في قدرتها على منافسة سلع مستوردة تُنتج بأسعار طاقة رخيصة مثل السلع الخليجية والمصرية . ( ملاحظة : نًُشر ان الدول المنتجة للنفط ستخسر من انخفاض أسعاره اكثر من ٣٠٠ مليار دولار هذا العام ، بالمقابل أعلن ان الاتحاد الاوروبي سيوفر ١٦٠ مليار يورو من انخفاض أسعار النفط ستحول للنمو ) وحسب تصرفات حكومتنا الرشيدة وقراراتها لا نعرف ان كانت هي من الدول المنتجة للنفط ام المستوردة لانها تتصرف كما كانت تفعل وسعر برميل النفط ١٤٠ دولار .
في قصة رفع أسعار الكهرباء الحالية لم تسقط المصداقية الحكومية فقط انما سقط المدافعون عن حرية السوق ونظريات صندوق النقد الذين نراهم يطالبون اليوم بان تتجاهل الحكومة انخفاض أسعار النفط وان تُبقي أسعار المشتقات على حالها في نهاية الشهر الحالي بذريعة حاجة الموازنة ، وكأن الاردنيين مجبرون على التضحية المالية وشد الأحزمة من اجل حكومة ( لا ترمش عيونها) كلما أقدمت على ضريبة إضافية او رفع أسعار وكأنها (تحمل الشعب جميله ) على مشاريعها الكبرى ! وقد تظن نفسها منغمسة في بناء شبكة مواصلات تحت الارض تخفض فيها من تكاليف التنقلات الباهظة على الأفراد والأسر ومن فاتورة استيراد النفط ، او ان غبار وادي عربة يعلو جبينها وهي تحفر قناة البحرين لتنشئ محطات الكهرباء ومنتجعات السياحة العالمية !.
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.