صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هذه هي حقيقة المديوينة في عهد النسور

0

في مقال سابق قلت إن حكومة النسور هي أكثر الحكومات استدانة في تاريخ المملكة، واستندت الى أرقام وزارة المالية التي تشير الى انه في عهد هذه الحكومة فقط ارتفعت المديونية بأكثر من 8.5 مليار دينار.
مؤسسات اقتصادية دولية، مثل صندوق النقد الدولي و”ستاندرد آند بور” وغيرها من المؤسسات، حذرت من أن المديونية في الاردن تجاوزت الخطوط الحمر وهي في طريقها لان تصل نسبتها إلى 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.
خبراء اقتصاديون ووزراء سابقون، آخرهم وزير المالية السابق الدكتور محمد أبو حمور، حذروا من آثار تنامي المديونية على استقرار الاقتصاد الوطني مؤكدين أنها في آخر ثلاث سنوات تضاعفت بشكل كبير.
رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وأمام الانتقادات الكبيرة التي تواجه حكومته بسبب ضعفها في ادارة الاقتصاد وهلعها نحو الاقتراض الخارجي والداخلي وهو ما سيرتب كلفا عالية ستتحملها الاجيال المقبلة، عقد لقاء صحفيا عاما للحديث عن انجازات الحكومة وتطرق بشكل مختصر عن المديونية، وحينها نفى ان تكون المديونية زادت في عهده فلسا واحدا، اذا ما استثنيت خسائر شركة الكهرباء والتي تزيد على اربعة مليارات دينار.
حديث الرئيس جاء من طرف واحد، فهو لا يقبل النقاش، يريد فقط أن يبرئ حكومته من هذا الجرم الاقتصادي الكبير الذي ألحقه بالاقتصاد الاردني، ويحاول أن يوهم المرجعيات العليا ان نمو المديونية يرجع الى سبب قاهر لا يمكن تجاوزه وهو بسبب خسائر شركة الكهرباء، وغير ذلك لا توجد أي مديونية زائدة.
في الحقيقة، كلام رئيس الوزراء يفتقد لادنى معلومات اقتصادية وبيانات مالية حول المديونية التي نمت في عهده باكثر من 8.5 مليار دينار، فعندما استلم دولته الرئاسة في نهاية العام 2012 كانت المديونية تقارب 12 مليار دينار واليوم هي تقترب من 20.5 مليار دينار، اي زادت بما قيمته 8.5 مليار دينار، علما ان خسائر شركة الكهرباء تتجاوز اربعة مليارات دينار بقليل، منها 1.7 مليار دينار خسائر متراكمة قبل حكومة النسور، واذا ما اضفنا خسائر المياه يصل اجمالي الخسائر إلى 5 مليارات دينار، اذن يوجد فرق بين خسائر الكهرباء والمياه، وبين ارقام الزيادة في المديونية باكثر من 3.5 مليار دينار، علما بأن هذه الحكومة هي اكثر الحكومات في تاريخ المملكة حصولا على المساعدات الخارجية، لا بل انها هي الحكومة الوحيدة التي حصلت على تمويل مباشر لمعظم نفقاتها الرأسمالية لمدة خمس سنوات عن طريق المنحة الخليجية بمقدار مليار دولار في كل عام، ومع ذلك فانها تتجاوز خسائر شركة الكهرباء والمياه باقتراض يزيد على 3.5 مليار دينار.
الرئيس لا يفضل الحديث عن هذا الاقتراض، لا بل يتجنبه ويحاول ان يخفيه بالحديث فقط عن الاقتراض بحجة سداد خسائر الكهرباء.
الحقيقة ان مديونية شركة الكهرباء ليست معدومة كما تصورها الحكومة، فهناك برنامج واضح لتسديد هذه الخسائر حتى العام 2017، ولا يوجد أي اقتراض خارجي لسداد خسائر الكهرباء كما تصور الحكومة، فالمقترضون الخارجيون لا يقرضون من أجل سداد خسائر الكهرباء، وخسائر شركة الكهرباء بالاصل لا تظهر في الموازنة المركزية العامة، بل تظهر في موازنة الوحدات المستقلة، وهنا لب القضية التي تحاول الحكومة ان تتنصل من الاجابة عليها، لان معظم الاقتراض كان لسداد عجز الموازنة الرئيسية الذي بلغت قيمته في السنوات الثلاث الماضية ما يقارب 4 مليارات دينار، إذ بلغت قيمته في الاعوام (2012، 2014،2013) (1.8،1.3، 1.1) مليار دينار على التوالي ، وهذا يفسر سبب تجاوز الاقتراض الحكومي خسائر الكهرباء والمياه بكثير، وهو ما تحاول الحكومة ان تخفيه وتتجنب الخوض في الحديث حوله، وهو ان عجز الموازنة المركزية كان كبيرا وهو يمول من الاقتراض الخارجي والداخلي، وليس له علاقة بخسائر شركة الكهرباء، فالحكومة تمول هذا العجز من خلال الاقتراض، وهو ما جعل المديونية تنمو بهذا الشكل الجنوني في عهد حكومة النسور.
حتى سندات “يوروبوند”، التي تتغنى بها الحكومة والتي بلغت قيمتها العام الماضي 2.25 مليار دولار، هي بالاصل موجهة لسداد عجز الموازنة المركزية وليس لشركة الكهرباء التي يتم سدادها بواسطة سندات داخلية، والامر ايضا مشابه للاموال المقترضة من صندوق النقد الدولي والتي تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار.
قد تُظهر نشرة المالية المقبلة أن الدين الخارجي انخفض بمقدار يتراوح بين 300-400 مليون دينار، وهو ما ستعتبره حكومة النسور انجازا لها نتيجة اجراءاتها، والحقيقة ان سبب الانخفاض هو تراجع قيمة “اليورو” بنسبة 10 بالمائة خلال الاشهر الماضية، وهو الامر الذي ساهم بهذا التراجع وليس نتيجة اجراءات حكومة النسور التي تفتقد لادنى خطة او اجراءات لمعالجة المديونية.
نعم هذه الحكومة ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، بأنها الأكثر من بين الحكومات اقتراضا، وأنها أدخلت المملكة في نفق المديونية، إذ ستدفع الاجيال المقبلة ثمن فشل حكومة النسور في إدارة هذا الملف.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.