صحيفة الكترونية اردنية شاملة

جريمة باريس

0

اقتحام صحيفة وقتل صحفيين وجرح آخرين، بذريعة ان هؤلاء نشروا رسومات تسيىء للنبي صلى الله عليه وسلم، جريمة، فمقام النبي اكبر من ان يتأثر اساسا بهكذا رسومات. جريمة حقا، لان الثأر للنبي لا يكون بالقتل، ولا بتعريض حياة البشر مسلمين او غيرهم، للقتل، ولا بتعريض حياة ملايين المسلمين ايضا للخطر في كل اوروبا، وتحويلهم الى وباء يتوجب التخلص منه ومكافحته، فهذه ليست نخوة للدين، ولا للنبي.
ذات النبي العظيم، لم يثأر من اهل الطائف وقد رجموه، ولم يثأر من اهل مكة وقد حاولوا قتله وحاصروه وتسببوا بخروجه وهجرته، والنبي ذاته لا يثأر لنفسه، فبأي حق ادعى هؤلاء الحمية والثأر لذات الرجل العظيم الذي اتسم بالصبر والتسامح، حد بحثه عن اليهودي الذي كان يلقى الاذى بباب بيته، واختفى لمرضه ذات يومه، وقد كان بامكانه الثأر منه لحظتها، او في وقت لاحق فلم يفعل.
الذين يقتلون هكذا لانهم يفهمون الدين هكذا لا بصيرة عندهم اساسا، فمن سيحتمل الاذى الذي سيعترض له ملايين المسلمين في العالم اليوم، الذين فروا من «ديار الايمان» الى «ديار الكفر» وفقا لتعبيرات البعض، للحصول على حياة كريمة وعلى حقوق وواجبات، وعلاج وتعليم، ومن اجل المال ايضا.
الذين يرون في هذه الدول، ديار كفر، تعتدي على المسلمين، وتمسهم في عقيدتهم، عليهم ان يغادروها ويعودوا الى بلادهم حيث السمن والعسل والامن والامان.
كان بامكان كثرة تغضب لاجل خاطر النبي صلى الله عليه وسلم ان تطلق حملة اعلامية تدافع فيها عنه، تحرك عبرها الاعلام والجماهير وقوى الضغط، كان بامكانهم الشكوى الى القضاء، لكنك في بلد يتقبل ذهنيا رسم رسوم على السيد المسيح، يكون عندها رسم اي نبي آخر في ذات السياق، وليس تعمدا للاساءة الى المسلمين وحدهم.
ما فعله القتلة امر واحد فقط، قالوا للعالم ان كل الاساءات حول النبي صلى الله عليه وسلم، صحيحة، فهذا دين وحشي متطرف، وهؤلاء هم التلاميذ يقتلون بدل الحوار، ويسفكون الدم بدل الوصول الى تسوية فكرية وذهنية.
بماذا تؤثر كل محاولات المس على مقام النبي أليس هو اكبر من ذلك نعم هو اكبر من ذلك وليت بعضنا يتفرغ اولا لتنقية الدين من الدسائس الفكرية والاسرائيليات وكل ضعيف، وان يتفرغ هؤلاء لتصحيح سلوكنا كمسلمين اولا، قبل ان نبدأ بغيرنا، وفينا الفساد منتشر، والشرك بارز، والعصيان سيد الموقف؟!.
ثم لو سألنا القتلة، هل ستؤدي فعلتهم الى عودة الغرب عن تحرشه بالاسلام، لظنوا ان هذا ممكن، لكننا سنرى العكس، والصحيفة التي تطبع بضع عشرات الاف النسخ، قررت طبع مليون نسخة، وكل مسلمة بغطاء رأس عليها ان تتوقع طعنة في الشارع من متعصب من الجهة الاخرى، وسنسمع الكثير من الاذى، ممن لايرضاه ذات رسول الله للناس لو كان بيننا.
تتألم فوق كل هذا اذ ترى بعضنا يتذكر فجأة مقتل مليون جزائري على يد فرنسا، وكأنه يريد ان يقول ان القتل حلال هنا.حسنا.لماذا هاجر عشرات ملايين المسلمين الى الديار التي كان قد احتلت اراضيهم، ولماذا يكون هذا التعصب الاعمى، واستذكار التاريخ، متأخرا وقد كان الاولى ان لا يهاجروا مادامت اوروبا مصنفة كاحتلال مجرم.
علينا ان نقول ببساطة اننا نستدعي كراهية العالم،وحقدهم علينا، ونشوه صورة ديننا بأيدينا، والامر هذا لا مجاملات فيه، حتى لو حوصرنا منهم بالافك والاذى والقتل والاحتلال، فما نحن الا تلاميذ النبي الذي وصفه الله بصاحب الخلق العظيم، ونحن نندد بالجريمة ولا مجال لقبولها او تفهمها، ابداً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.