صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحت رحمة ‘هدى’

0

بلغت استعدادات الأردنيين لاستقبال العاصفة الثلجية “هدى” ذروتها أمس؛ أطنان من المواد الغذائية نفدت من الأسواق، ومثلها من الوقود، وعشرات الآلاف من أسطوانات الغاز المنزلي، ناهيك عن الشموع تحسبا لانقطاع الكهرباء.
مؤسسات الخدمة العامة، من وزارات وبلديات ودفاع مدني وأمن عام، أعلنت حالة التأهب القصوى. جميعها وعدت بأداء مختلف عن عاصفة العام الماضي. عديد المسؤولين في أمانة عمان، وشركات الكهرباء والاتصالات والبلديات، وعدوا بعدم تكرار أخطاء الماضي، وأكدوا جاهزيتهم لكل طارئ.
إعلام العاصفة المكرس لتغطية أخبار “هدى”، ومتابعة خطواتها أولا بأول منذ لحظة تشكلها حتى وصولها المرتقب اليوم، لعب دورا تحريضيا كبيرا، ساهم إلى حد كبير ليس في رفع الجاهزية، بل في زيادة مستوى التوتر عند عموم الناس، فأقبلوا على تخزين المواد الغذائية بشراهة.
بيد أن كل الكلام عن الاستنفار والتأهب ورفع الجاهزية، والطواقم التي تعمل على مدار الساعة، والمواد الغذائية والمشتقات النفطية المتوفرة في الأسواق، يبقى كلاما، وقد سمعنا مثله من قبل. الأمور بخواتيمها كما يقال، فعندما تحين ساعة “هدى” ونلمس الأداء في الميدان، سنرى إن كان الناس سيرفعون القبعات تحية أم استنكارا.
نظريا، يبدو كل شيء على أتم الجاهزية فعلا. لكننا عمليا، كلنا اليوم تحت رحمة “هدى”. لا نعلم إن كانت فرق شركات الكهرباء ستنجح في احتواء الأعطال المتوقعة، أم سيغرق الناس في الظلام لأيام، كما حدث في شتاء العام الماضي. هل ستوفر المخابز الخدمة للمواطنين؟ لا نعلم، الجواب عند “هدى”. ماذا بشأن الوقود؟ بعض المحافظات تشكو منذ يومين شحا في المعروض، فكيف تكون الحال بعد العاصفة؟
تذكرون حملة الإدانات الرسمية والشعبية التي طالت مرافق خدمية عدة في العاصفة السابقة، وصلت إلى حد تحويل شركة كهرباء إلى المدعي العام. ولم ننس بعد الفزعة الملكية للبلديات التي عانت نقصا في الآليات، وتبرعت دولة خليجية مشكورة ببعضها لسد العجز. الحكومة حينها شكلت لجانا لمراجعة خطط الطوارئ، وافترضنا بعدها أن الأداء سيشهد تحسنا. لكن عاصفة مطرية بداية هذا الفصل، أظهرت أننا ما نزال نتخبط. فكيف الحال مع عاصفة ثلجية، يقول أهل الاختصاص إنها أشد عاصفة تضرب بلاد الشام هذا الشتاء؟!
إنه سؤال المليون في الأردن، ما يزال مطروحا في الشتاء والصيف؛ هل نتقن فن إدارة الأزمات؟
تجارب سابقة تظهر أننا ما نزال نتعلم، حتى لا نقول نتخبط. في كل مرة نواجه أزمة، نبدو وكأننا نبدأ من الصفر، ولم نراكم خبرات الماضي. نكرر نفس الأخطاء، ونفتقد لذلك التناغم المطلوب بين الأجهزة، والذي طالما ميز الإدارة الأردنية.
لكن المسؤولية لا تقع كلها على أجهزة الدولة. المواطن الأردني، نحن جميعا، نتخلى عن مسؤولياتنا. أصبحنا اتكاليين وسلبيين، نتقاعس عن تحمل أبسط الواجبات في الظروف الطارئة، ونتصرف بأنانية شديدة. السؤال موجه لنا أيضا؛ هل نغير من سلوكنا في مواجهة “هدى”، أم نبقى تحت رحمتها؟
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.