صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ترتيب البيت الداخلي..

0

شاع مصطلح “ترتيب البيت الداخلي” سياسياً ، قبل عقدين من الزمان بشكل غريب جدا..بحيث لم يخل تصريح لمسؤول او لقاء صحفي لوزير أو حوار مع رئيس وزراء الا وتكّلم عن “ترتيب البيت الداخلي” باستفاضة وضرورة ملحة ، يسألونهم عن معاهدة السلام يجيبون عن “ترتيب البيت الداخلي”..يسألونهم عن القمة العربية يجيبون عن “ترتيب البيت الداخلي” ..يسألونهم عن أسعار البيتنجان فيردون عن “ترتيب البيت الداخلي”…

ثم فجأة اختفى هذا التعبير تماماً من ألسنة ولغاليغ المسؤولين ومُسح تماما من قاموس السياسة المحلية ولم يعد يستخدمه أو يتذكّره أحد من الرعيل المتوسط دون أن نعرف هل تم بالفعل “ترتيب البيت الداخلي” أم اكتفوا بتكنيس الصالون ووضع المساند في مكانها وانتهى الأمر..!.

على أية حالة مع دخول المربعانية وزيادة برودة الطقس قررت أنا الآخر “ترتيب البيت الداخلي” ، الغرفة الغربية “غرفة الأولاد” فيها مزايا رائعة لا تتوفر في غرفتي ، فهي مطلّة على “قلاّبين طمم” ناهيك أن سلك “الستلايت” يمر من ثقب أسفل الشباك ويهرب نقطاً طازجة من المطر ،كما أن المنخل غير رزين بما فيه الكفاية مما يعني استجابته للهبوب الخفيف، وثمة “سوكاج” بالألمنيوم يضخّم صوت الريح في الليالي العاصفة، ولأنني مجنون شتاء ،قررت ان انقل كامل عتادي من حرامات ولحافات ووسائد من غرفتي الى غرفة الأولاد ،بعد أن أمرت ام العيال أن تجد لي مكاناً في المهجع الجديد…صحيح ان الأماكن الإستراتيجية في الغرفة جلّها محجوزة ،لكني تمكنت من احتلال فرشة تحت الشباك مباشرة وفوق راس “عبّود” ، المكان ضيّق أكثر مما تتصورون..ليس سراً أن أخبركم أنني عانيت كثيراً في اليومين الأولين للوضع الجديد، فأول دخولي للغرفة كان صعباً بسبب الكثافة السكانية …أينما تضع رجلك تشعر انك وطأت بطنا ، او “فعست نيعاً”..أو فككت رقبة…المهم صرت ادخل الغرفة مثل النسناس على رؤوس أصابعي وأمط جسمي قدر الإمكان على الحائط تجنباً لوقوع إصابات…في الليل وبسبب الشخير متعدد “النمر” – من شخير “نمره 2” الى شخير “نمرة 4″…الى شخير” ميديوم”…الى شخير “فري سايز” – كل هذه النغمات صارت تؤخر موعد نومي….لذا كلما ثنيت ركبتي باتجاه الفرشة العرضية سمعت احدهم يقول ” آآآآآآآي بطني” أميز الصوت .. انه حمزة ..فأمدّ رجليّ على استقامتها حتى تلامس رجلاي شعراً كثيفاً فيصيح صوت بنّاتي رفيع “آآخ راثي”..أحرّك قدميّ بشكل بندولي على شعر المشتكي لأحدد هويته .. عرفتها من “البكلة” إنها بنتي “جونيا”…

المهم في وقت قياسي وبأقل من 48 ساعة صرت اعرف حدودي الإستراتيجية كم سنتيمتر استطيع أن اثني ركبتي على الجهة اليمنى ..وكم سنتيمتر استطيع ان أمدّ رجّلي نحو الجنوب دون أن “افغص عين حدا”…لكن تبقى المشكلة إذا ما داهمني العطش أو أردت تلبية نداء الطبيعة في الليل..صرت اضطر أن أزحف على بطني بشكل لولبي بين الفرشات مثل “الحية” حتى لا أؤذي نزلاء الغرفة ، وإذا ما عدت من المشوار افتح ساقي على اتساعهما مثل “ابي الحروف” الرجل الأولى عند التلفزيون والرجل الثانية على حدود وسادتي “هوبلاع” لقد وصلت…..

الآن عرفت ماذا تعني عبارة”ترتيب البيت الداخلي”: إذا لم تعرف حدودك…ابشر بالضياق ورفش البطن!.

سواليف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.