صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘شرعنة’ أخطاء الموازنة

0

كل دول العالم المصدر للنفط او المستوردة له اعادت تقدير موازنتها على ضوء انخفاض اسعار النفط العالمية بحدود 40 بالمئة منذ حزيران الماضي، فالكويت بنت موازنة 2015 على سعر افتراضي للبترول بقيمة 60 دولارا للبرميل، والسعودية 64 دولارا، والروس سحبوا الموازنة من مجلسهم التشريعي وسيتقدمون بموازنة جديدة تتناسب مع تراجع اسعار النفط العالمية، الا حكومة النسور، الحكومة الوحيد في العالم التي تصر على إبقاء فرضيات النفط في موازنة 2015 بحدود 100 دولار، فاي عقل ومنطق يحكم خطط هذه الحكومة؟
الحكومة وبعد أن انكشف سوء تقديراتها في الموازنة فيما يتعلق باسعار النفط التي هوت الى مستويات قياسية، واصلت سياسة العناد في التعاطي مع خطة الدولة المالية لسنة 2015، فبدلا من ان تسحبها، بدأت بترويج خسائرها الوهمية من تراجع اسعار النفط، حتى يتسنى لها تبرير مواصلة سياسات الجباية التي اعتمدت عليها في الاعوام الثلاثة الاخيرة ، وهي فترة حكومة النسور التي لم تترك شيئا إلا ورفعته سواء أكان في السلع أو الخدمات أو الرسوم أو الضرائب.
لكن نتيجة ضغط الرأي العام على الحكومة لتخفيض أسعار السلع والخدمات التي كانت قد رفعتها تحت مبررات ارتفاع اسعار المحروقات، فان الحكومة تحاول اليوم تمرير فكرة غريبة عجيبة تتعلق بـ”شرعنة ” أخطاء الموازنة.
المقصود بـ”شرعنة” اخطاء الموازنة، هو انه بدلا من سحب القانون من محلس النواب واعادة تقدير جديد لاسعار النفط ومن ثم للايرادات والنفقات، بدات الحكومة بتمرير فكرة للنواب بان الفائض الذي قد يتحقق في الموازنة نتيجة انخفاض اسعار النفط والذي قد يتجاوز 500 مليون دينار على اقل تقدير، سيوضع في حساب خاص بالبنك المركزي، كحساب تحوط، لمواجهة تقلبات الاسعار او التحديات المستقبلية، وفي هذا الامر جوانب مهمة للنقاش وهي:
اولا: هذا اعتراف من الحكومة والنواب بالخطا الفادح في تقديرات ارقام الموازنة لسنة 2015. ثانيا: لا يمكن معالجة الخطأ بخطأ آخر، فإذا ارادت الحكومة أن تتحوط، فلتتحوط من إيراداتها الذاتية ونضبط نفقاتها المتزايدة، لا ان تتحوط من حيوب المواطنين وايرادات الشركات. ثالثا: قبل ان تضع الحكومة فائض الموازنة في حساب للتحوط، نتمنى ان تطلع الرأي العام على حساب التحوط السابق، الذي كانت قد وضعت به عشرات الملايين من عوائد رفع المحروقات في الاعوام السابقة، واختفى فجاة ولم يعد احد يسمع به. رابعا: يرى البعض أن الأموال التي قد تتوفر في الموازنة جراء انخفاض النفط تساهم حاليا في دعم المشاريع الرأسمالية وتنمية المحافظات، وهنا نود أن نوضح للرأي العام أنه لا يوجد مشكلة مخصصات في بند النفقات الرأسمالية في موازنة 2015 والبالغ قيمته 1.174 مليار دينار، فغالبية تمويله متوفر من أموال المنحة الخليجية، لكن المشكلة تكمن في إخفاق حكومة النسور في تنفيذ مشاريع المنحة الخليجية، وعدم قدرتها على توفير مشاريع حقيقية.
بقاء الموازنة على هذا النحو الخاطئ من الفرضيات، يعني ان تستمر الحكومة في اتخاذ قرارات الرفع على مختلف السلع والخدمات، فبدلا من أن ترفع أسعار الكهرباء، من أجل مواجهة العجز والخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط عالميا، ستقوم برفعها بحجة التحوط.
الحل السليم والوحيد لمعالجة الإخفاقات في موازنة 2015 هو إعادتها للحكومة، ومن ثم التقدم بمشروع قانون موازنة جديد يعكس حقيقة المعطيات على أرض الواقع.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.