صحيفة الكترونية اردنية شاملة

شكرا للمساعدات

0

الأردن من الدول القليلة في العالم التي تحصل على مساعدات بحجم يؤهلها للتصدي للكثير من المشاكل والاختلالات المالية التي تحيط بالاقتصاد الوطني نتيجة ظروف داخلية وخارجية متعددة، ولا نستطيع القول إن المنح التي تتلقاها المملكة هي نتيجة عابرة، بل هي أمر مرتبط ارتباطا وثيقا بالدور المحوري الذي تلعبه القيادة الاردنية في منطقة الشرق الاوسط منذ عقود.
رغم تلك المساعدات، الآن عمليات الاصلاح الاقتصادي لا تستغل من قبل الحكومات استغلالا جيدا، حتى المساعدات التي تأتي للخزينة تذهب في غير جدواها الاقتصادية، وتنفق على مشاريع لا يمكن أن تصنف بأنها مشاريع رأسمالية تعود بالتنمية على المجتمعات، فغالبية المشاريع في الموازنة تدخل في بند النفقات الرأسمالية، ومن ثم تتحول بعد عام أو عامين الى بند النفقات التشغيلية، التي يتطلب من الاقتصاد الوطني تمويلها، وفي حال عدم قدرته على توفير مخصصات مالية ذاتية، يلجأ الى الاقتراض الداخلي والخارجي لحل معضلة التمويل، وسرعان ما تتحول الازمة من أزمة تمويل لمشاريع الى أزمة مديونية، وهذا هو الحاصل بالاقتصاد الاردني.
على أية حال استخدامات الحكومة للمساعدات لا تحقق القيمة المرجوة من العملية التنموية، ولا تجعل الحكومة حتى تفكر في عمليات الاصلاح الذاتي لاقتصادها، صحيح أن الحكومة تقول في خطاباتها الرسمية إنها تتخذ الاجراءات الكفيلة بجعل الاقتصاد الوطني اكثر اعتمادا على الذات، لكنها شعارات على الورق لا أكثر.
الأرقام الرسمية المبينة في الموازنات العامة تدلل بوضوح على أن الموازنة العامة باتت أكثر اعتمادا على الآخرين في تمويل نفقاتها واحتياجاتها التمويلية المتزايدة، ولا يوجد تراجع عن هذا المبدأ على أرض الواقع سوى في الخطاب الإعلامي الرسمي للحكومة، وهو أمر مؤسف للغاية.
في مشروع قانون موازنة 2015 تشير أرقام الحكومة الى أن تقديراتها بخصوص المنح ستكون بحدود 1.128 مليار دينار، بينما كانت في العام 2014 بحدود 1.115 مليار دينار، وهنا نتحدث عن المنح التي تذهب للموازنة مباشرة، وهي أموال لا ترتب أية فوائد جديدة في الدين، فهذه هبات غير مستردة ودون فوائد، ونحن لا نتحدث عن المساعدات التي تأتي الى الوحدات المستقلة التي يناهز عددها 59 مؤسسة.
يتضح من الأرقام السابقة أن اعتماد الموازنة على المنح يزداد بوضوح، وهو أمر لا يعيب الاقتصاد اذا كانت هناك خطة وطنية تعالج الامر مستقبلا وضمن إجراءات متدرجة، وصولا الى التوازن المنشود، لكن المؤسف في الموضوع أن المنح تزداد سنويا للخزينة، ناهيك عن المشاريع المستقلة التي تمول مباشرة من المانحين، ومع ذلك فإن الاقتراض يزداد بدلا من ان يتجه للانخفاض، او حتى للانحسار كما يقتضي المنطق، فكل الاموال التي تدخل المملكة تذهب الى تمويل مشاريع لا تحقق أي قيمة مضافة، ولا تستخدم المنح حتى في سداد جزء من الديون، ولا يتم توظيفها بالشكل الصحيح، او حتى تحويلها لتمويل مشاريع كانت معتمدة أساسا على الاقتراض، كل هذا لا يحدث في الموازنة العامة.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.