صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ضمانات القروض الامريكية

0

قد يعتقد البعض ان ضمانات القروض الامريكية للاردن في متناول الجميع من دول العالم او حتى الصديقة للولايات المتحدة، وإنها متاحة للدول للحصول عليها، لكن في الحقيقة ان هذا الامر غير صحيح على الاطلاق.
ضمانات القروض الامريكية لا تمنح من قبل ادارة الولايات المتحدة الا لدولتين اثنتين فقط في العالم، الاردن إحداها، وهذا الامر يعود لأسباب تاريخية عميقة حول طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الامريكية والمملكة الاردنية الهاشمية، وهي بالاساس وليدة ثمار الدبلوماسية الاردنية التي يقودها الملك، والتي اثمرت عن شبكة علاقات استراتيجية بين عمان واشنطن، جعلت الاخيرة تتعامل اقتصاديا مع المملكة بطريقة استثنائية كما لو انها ولاية لديها من ناحية منحها للمساعدات الدورية التي ارتفعت من 655 مليون دولار الى مليار دولار سنويا، ناهيك عن القروض التي تحصل عليها المملكة بضمانة امريكية، فماذا يعني ذلك اقتصاديا؟
عندما يضمن اكبر اقتصاد عالمي قروض دولة مثل الاردن، فان ذلك يعطي اشارة ايجابية للمجتمع الاقتصادي الدولي والمؤسسات العالمية بضرورة التعاطي الاقتصادي الايجابي مع الاقتصاد الاردني، لان دولة مثل الولايات المتحدة تمتلك من المقومات والثقل الاقتصادي العالمي ما يجعلها قادرة على توجيه الدعم المؤسسي الدولي الى اي دولة ترغب بدعمها.
وعندما تكفل امريكا قروضا للاردن، مثل سندات “يوروبوند” الاخيرة التي طرحت مرتين بقيمة اجمالية 2.25 مليار دولار، سيجعل الدول المانحة تتهافت على المشاركة في السندات الدولية، نظرا لقلة المخاطرة الائتمانية التي تلاشت مع الكفالة الامريكية.
والوجه الايجابي الاخر للكفالة الامريكية للقروض الاردنية، هو تدني اسعار الفائدة، التي لم تتجاوز في الطرحين الاخيرين 1.9 بالمئة، في حين ان معدل فائدة الاقراض الخارجي تتراوح بين 4-6 بالمئة.
وجود قروض خارجية بفائدة قليلة مكفولة من اكبر اقتصاديات العالم، يساعد الحكومة على شراء الديون الاخرى الاعلى فائدة، وهنا تحدث عمليات المبادلة للدين، ومن ثم تخفيف اقساطه وفوائده، التي تضغط على الموازنة العامة، حينها سنعتبر ذلك تعزيزا للاصلاح الاقتصادي.
لكن تكمن تحديات سندات “يوربوند” المكفولة امريكيا في طريقة التعاطي الحكومي معها، من حيث عدم توظيفها، وغياب الرؤية الاصلاحية للحكومة في استغلال ايجابيات هذا الامر، والاكتفاء فقط بالحصول على قروض خارجية بكفالة امريكية للتعاطي الاعلامي معها على اعتبارها انجازا، دون النظر الى انها في النهاية ستسجل دينا جديدا على الاردن ما لم يتم التعاطي معها بحذر واستراتيجية ادارة دين حصيفة، فسواء كان الدين بفائدة عالية ام منخفضة سيسجل على هيكل الدين ويزيد من الاعباء، وهو ما يتطلب من الحكومة وفريقها الاقتصادي، الذي لم يكن بالأساس مقتنعا بفكرة القروض المكفولة امريكيا في البدايات الاولى واستحالتها حسب رايهم، ان يكونوا على قدر كاف من الوعي والمسؤولية في توظيف هذا الحدث لصالح الاقتصاد الوطني وتخفيف المديونية واقساطها بشكل تدريجي، وتوظيف الحالة في استقطاب الاستثمارات في بلد ينعم باستقرار فريد في منطقة الشرق الاوسط.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.