صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حسرة للبيع!

0

كنت اعتقد طيلة الفترة الماضية ان “حدوثة” الاردني الذي عُرض عليه دونم في عبدون في منتصف السبعينات “بتراب المصاري” ولم يفكر باقتنائه لأنه “زهقان” الأرض التي يمكلها ، هي واحدة من قصص الخيال الشعبي ، فما من أردني قابلته سواء أكان من الشمال أو الجنوب ، من الشرق أو الغرب الا وقال لي : ان جدّه رفض أن “يستدّ” أرض في عبدون بدلاً عن ثمن “معرّش” بطيخ ، أو أن جده الراحل ارتأى ان يبدّل “كديشة بيضا” بأربعة دونمات قرب البيادر..وكنت “انفخ نفخة بتطبخ طبخة” اذا ما سمعت عبارة “شفت مكة مول..هناك صحّ له الدنم بميتين ورقة “..”وين الدوار الرابع لزق بالدوار ” ..”وين عن السفارة الفرنسية هاي كان يبيدر فيها أخو جدي”…طبعاً بقيت لا أعير كل هذه الأحاديث اهتماماً لأن كل ما مضى جزء من “حسرات الفرصة الضائعة” التي يحبّ شعبنا بين الفترة والأخرى ممارستها ليقول أنه كان قاب قوسين او ادنى من “المليرة”..!. إلى ان وقع بين يدي هذا الإعلان المنشور في صحيفة “الرأي” ويعود لسبعينات القرن الماضي وقد وصلني من خلال صديقي عبر “الواتساب” بشحمة ولحمة بحبره وورقة الأصفر القديم المأخوذ من النسخة الأصلية:

قطع أراضي مفروزة للبيع

تعلن مؤسسة إدارة تنمية أموال الايتام المنشاة بموجب القانون رقم 20-سنة 1972 عن وجود قطع أراضي سكن أ،و ب، مفروزة ومنظمة للبيع في عبدون – عمان بجانب النادي الأرثوذكسي وفي حنو الصويفية على طريق عمان –وادي السير يجانب ضاحية الأمن العام تتراوح أسعارها بين دينارين ونصف وثلاثة دنانير ونصف للمتر المربع الواحد ، وتتراوح مساحتها بين 636- و1242 مترا مربعاً كما هو مبين في المخطط المنشور بجانبه للمراجعة يرجى الاتصال بالمدير المالي ،مؤسسة إدارة وتنمية أموال الأيتام ،جبل اللويبدة ص.ب 6985 عمان-هاتف 22463 .

ملاحظة رقم 1: الأسعار نهائية.

ملاحظة رقم 2: الخدمات العامة من طرق ومياه وكهرباء متوفرة.

ملاحظة رقم 3: القطع المظللة غير مشمولة بالعرض.

***

ليس من الغريب أن يكون الدونم في عبدون بــ 2500 دينار.. ففي ذلك الزمان كان صحن الحمص “بقرشين”، وأجرة السرفيس من الرمثا إلى عمان 25 قرشاً.. ونفس الأرجيلة بـ12 قرشاً، في ذلك الزمان كان الأردنيون يرتادون المقاهي ليختبئوا من شمس النهار القائظ، كانوا يتكئون على الأرصفة ليرتاحوا قليلاً من مدّ الطرقات، في ذلك الزمان كان العمّال عمالنا، والأشغال أشغالنا ، والأحلام أحلامنا…في ذلك الزمان كان قمحنا طويلاً وسنابله جاده ، و”كوايرنا” فيها بركة…و”الخوابي” ريّانة..في ذلك الزمان كان الأردن كله يرتدي ” البنطلون “الكاكي” ويمسح عرقه بكمه كما كل الشّغيلة ، في ذلك الزمان كانت السُمرة وساماً على الجبين والضحكة رغم انها مشققة لكنها صافية ، في ذلك الزمان كان الأردني سيد نفسه مثل قمح دير علا وحوران لا فاسد يستعبده ولا ظالم يتجبّر فيه…في ذلك الزمان كان كل شيء رخيصاً اذا ما قورن بالانسان …

آه لو كنا نعرف ماذا ينتظرنا، لاشترينا بدم قلوبنا “رجال الأمس” وادخرناهم لليوم..

ضميني يا كرمة العلي…

سواليف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.