صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كلام غير سياسي

0

وسط كل هذه الملفات السياسية، التي تطحن حياتنا، نتناسى، حال آلاف البيوت في الأردن، تلك البيوت التي ينهمر عليها هذا الشتاء الغزير.

فقراء ومساكين ومحتاجون، لا تحميهم بيوتهم، وسقوف بيوتهم يتسرب منها الماء إضافة للبرد، وآلاف العائلات لا تجد وقود التدفئة، أطفال يرتعدون بردا، أطفال بلا أغطية تحميهم، حرمان في غير موقع ومكان، وكأن البلايا اجتمعت عليهم.

الفقر بات حادا، وحملات مكافحة الفقر، تراجعت، ربما تحت وطأة الشعور بالهزيمة، أو كثرة المشاكل، وكثرة المحتاجين أيضا، لكنك تسأل نفسك عن مشاعر العائلات التي تعيش في البوادي والمخيمات والقرى والمدن، ومساكنها السيئة، البرد في غرفها، وربما بعضها لايجد حتى وقود التدفئة لغرفة واحدة، فتحل الأمراض فيها.

إذ تنظر الى طفلك أو بيتك وتجده ينعم باللباس أو الدفء، عليك ان تستحضر في ذاكرتك آلاف البيوت الأخرى، ممن لا تحميها سقفوفها، ولا يكفيها فراشها، وقد لا يتوافر فيها لتر ديزل أو كاز، وبعضنا لايريد أن يصدق أن هناك آلاف العائلات تتجنب استعمال وسائل التدفئة من غاز او كهرباء او ديزل تجنبا للنفقات، وهؤلاء لا يصدقون لأنهم لا يريدون أن يصدقون.

جولة فقط في بادية باردة، أو أزقة مخيم، أو حي فقير في مدينة، ستقول لك الكثير، لكن الألم يعتصر قلبك، لأن الناس لم تعد تتذكر بعضها البعض، مثل سابق عهدها، فأي هناء سيدوم في بيوت الناس، وهم يتركون غيرهم أسارى للفقر والبرد والمطر والثلج والحاجة؟!.

لا المعونة الوطنية تكفي، ولا الراتب يكفي، ووجوه الصغار والفقراء والأيتام، تلك المبللة بالبرد والمطر والفقر والحاجة، مؤلمة جدا، لا يبدد الألم، ظن بعضنا أن هناك من يحتال حقا، ويجمع المال زاعما انه محتاج، ولو انفق كل واحد منا عشرة دنانير على بيت آخر، لخفف من آلامهم وفقرهم.

كل واحد ينتظر مليونا، يأتيه من غياهب الغيب، حتى ينفق منه على الخير فلا يأتيه ابداً.

قبل ان نغمض عيوننا، علينا فقط ان نتساءل: كم عائلة تنام وهي ترتجف، من شدة البرد، أو دون عشاء، أو جراء الفقر والمرض، في كل موقع من هذا البلد، إضافة لمئات آلاف الأشقاء الذين أُخرجوا من ديارهم، بغير حق؟!.

حتى تبقى شمعتك مضيئة، عليك أن تضيء شمعة في بيوت الآخرين، ودون ذلك تأتيك الريح، وتختطف بيتك وأولادك، فتلتحق بقافلة الضحايا.

في لمعة عيني طفلك، اقرأ لمعات عيون أطفال الآخرين، حتى يبقى ذات البريق.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.