صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الموازنة.. موسم للشتائم

0

بمناسبة بدء نقاش مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2015، الذي تقدمت به الحكومة وفق موعده الدستوري، فإنه من المناسب أن يتحول النقاش على خطة الدولة المالية للسنة الجديدة إلى نقاش اقتصادي مفيد، بدلا من أن يتحول الى موسم للخطابات الرنانة، التي تزيد من الأعباء المالية على الموازنة المثقلة بالديون.
النواب لا يستغلون موسم الموازنة بتفعيل رقابتهم على السياسات الاقتصادية للحكومة، والتأكد من مدى جدوى تلك السياسات والاجراءات التي تنفذها، ومدى ملاءمتها لتحقيق الأهداف التي تم وضعها بالأساس.
في العادة ينهال النواب على الحكومة بالانتقادات من كل حدب وصوب، وتوجه للحكومة ورئيسها أبشع الانتقادات والاتهامات بالتقصير في الاداء، بالمقابل تكون النتيجة هي إقرار الموازنة بأغلبية كبيرة، بعد أن تكون الجلسة قد شهدت فوضى كبيرة في النقاش والتصويت، كما يحدث في كل مرة.
بدلا من تلك بيانات المطالب، التي تخدم العملية الاقتصادية، باستطاعة النواب أن يمارسوا دورا رقابيا عال المستوى على كافة السياسات الحكومية، وتكون النقاشات مثمرة ومجدية للصالح العام.
قبل البدء بنقاش مشروع قانون الموازنة، من المفترض أن يقوم النواب بمناقشة البيانات المالية الختامية للسنة المنصرمة، ليتأكدوا من أن جهود الحكومة كانت منصبة على تحقيق الاهداف، التي وعدت النواب بالوصول إليها أثناء نقاش الموازنة.
بعدها يكون متاحا أمام النواب مناقشة بنود مشروع قانون الموازنة بشكل علمي ودقيق، وليبدأوا بالتأكد من جدوى المشاريع الرأسمالية التي وضعتها الحكومة في الموازنة، أولا من حيث عدالة التوزيع التنموي، والقيمة المضافة لتلك المشاريع، التي يرى البعض أنها عبارة عن نفقات تشغيلية بثوب نفقات رأسمالية لا أكثر.
ومن المفترض على السادة النواب أن يستفسروا من الحكومة عن الاسباب التي جعلت أثر رفع الأسعار والضريبة والتعرفة الكهربائية محدودا على موازنة 2015، من حيث بقاء العجز بالأرقام المطلقة كبيرا، لا بل إن ارقام الدعم بقيت هي أيضا على حالها تقريبا، والسؤال الأهم الذي يطرح دائما هو مدى انعكاس انخفاض اسعار النفط على ارقام موازنة 2015، التي بنيت على اساس تقدير سعر برميل النفط بـ100 دولار تقريبا، فما هو الحال إذا انخفضت الأسعار ما دون ذلك على النحو الحاصل الآن؟
الأهم من ذلك هو دور مجلس النواب في كبح جماح الهلع الحكومي نحو الاقتراض، الذي بات اليوم سياسة اقتصادية رسمية لحكومة النسور، في تغطية نفقاتها التمويلية المتزايدة، وكيف للنواب ان يفعّلوا قانون الدين العام، الذي ضربت الحكومة به عرض الحائط وباتت المديونية فوق 80 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، ومن المرجح أن تصل الى 89 بالمئة في نهاية العام، حسب صندوق النقد الدولي.
دور النواب في مناقشة الموازنة لا يقتصر على زيادة المطالب الخدمية، وإنما بالتحقق من جدوى المشاريع في الموازنة والتزام الحكومة ببنودها وضمان العدالة الاجتماعية في نمو مستدام يعود بالخير على الجميع.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.