صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘الملكية’ رمز وطني

0

تذكرني الأيام عندما كنت فتى مطلع عمري في نهاية الستينات عندما ركبت الطائرة للمرة الاولى في حياتي وكانت بين عمان والقاهرة وخلال الرحلة الأولى في حياتي كان هنالك شعور الخوف ولكن شعور العزة والكبرياء طغى على شعور الخوف، شعور الاعتزاز بشركة طيران عالية وشعور الكبرياء أن الأردن يملك أفضل شركات الطيران الجوي في العالم بذلك الزمان وهذا الشعور ما زال يلازمني الى يومي هذا وتكررت السفرات ونما هذا الشعور بهذه الشركة العريقة.
ثم أذكر في عام 1970 عندما كنت قادماً من أحد رحلات القاهرة الى عمان عندما حصل اطلاق نار على الطائرة في مطار ماركا كان شعور الخوف بلا شك ولكن كان خوفي على الطائرة وما تمثله الطائرة عالية كرمز معروف لدولة عريقة تنتمي عائلتي لها وأنا جزء من هذا الانتماء .
إنني أروي روايتي هذه لأنتقل الى حقبة جديدة من عالية والتي بكل فخر أصبحت الخطوط الجوية الملكية الأردنية RJ والتي من واجبي كمواطن أردني وكرئيس لغرفة تجارة الأردن أن أقوم في الدفاع عن المصالح الاقتصادية بكل صدق وحق.
إن الملكية الأردنية اليوم تواجه العديد من التعليقات والانتقادات السلبية. ان دفاعي هنا ليس عن الملكيه بقدر ما هو دفاع عن رمز اقتصادي اردني هام .
عندما هوت كرايسلر الأمريكية قامت الحكومة الأمريكية بدعم الشركة مادياً ودعمتها في قرارات عدة لحماية أسهمها من الانهيار وتكرر ذلك مع GM وهذا واجب الدولة لحماية مصالح الشركات العملاقة التي ترمز لدولة و /أو اقتصاد.
وإننا هنا نتوقف لحظة ماذا سيكون واجب الدولة الأردنية لحماية الملكية الأردنية.
نجيب ميقاتي يمتلك نحو 19 % من أسهم “الملكية الأردنية”، بينما تمتلك الحكومة 26 % من أسهم “الملكية” وتمتلك مؤسسة الضمان الاجتماعي نحو 10.7 % من الأسهم، والقوات المسلحة تمتلك نحو 3 % من الأسهم.وحوالي 8% حصة موظفي الملكية الاردنية.
ويبلغ رأسمال “الملكية الأردنية” نحو 84.370 اربعة وثمانون مليونا وثلاثمائة وسبعون الف دينار، بيد أن قيمتها السوقية بلغت 40.499 أربعين مليون دينار وأربعماية وتسعة وتسعون ألف دينار، بسبب تراجع سعر السهم من دينار إلى نحو 48 قرشا.
لماذا يجب على الحكومة زيادة مساهمتها في رأسمال الملكية الأردنية ؟
1- لحماية الناقل الجوي الرسمي للدولة، معتزين برؤية مؤسس شركة عالية جلالة المغفور لهُ الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه وجهوده الجبارة التي دعمت هذاالناقل الجوي الوطني ليربط الأردن بالعالم ويحمل الهوية والتراث والحضارة الأردنية إلى الشعوب الأخرى .
2- أن لا يكون هنالك شركة و / أو شخص قادر على أن يوقف قرار الهيئة العامة للشركة وامتلاك الميقاتي 19 % يمكن أن يحدث توقيف لقرارات الهيئة العامة لتطوير الشركة.
3- ان فرص نجاح الملكية الاردنية في تجاوز هذه الازمة كبيرة جدا اذا ما احسنت الحكومة التصرف في ما يتعلق بشراء حصة ميقاتي حيث ان هذا الحدث سيساهم في رفع القيمة السوقية للسهم .
4-لماذا الخسائر في الملكية:
أظهرت البيانات المالية الأولية تسجيل الملكية الأردنية لخسائر بنحو 38.7 مليون دينار في عام 2013، وبمجموع خسائر بلغ 96.6 مليون دينار في آخر 3 سنوات، فيما يبلغ رأسمال الشركة المصرح به والمدفوع 84.3 مليون دينار.
هذه الخسائر المتراكمة والأولية، تضع الشركة في مأزق الخضوع للتصفية الإجبارية، وهو أسوأ وأصعب سيناريو محتمل ، بسبب زيادة مجموع خسائر الشركة على 75% من رأسمالها المكتتب، ما لم تقرر هيئتها العامة زيادة رأس المال. حيث ان القيمة السوقية للسهم بلغت حوالي 450 فلسا.
ونعزي الخسائر الى :
*توقف العديد من الخطوط للعديد من الوجهات بسبب الظروف السياسية والإقليمية.
*ارتفاع كلفة الطاقة، فعدم دعم الحكومة للبنزين بينما البنزين في المطارات الأخرى أقل من الأردن بحوالي 25%، والملكية تقوم بشراء ما يزيد على 70% من وقودها في الاردن.
*الاردن يعتبر من أغلى الدول حول العالم في سعر وقود الطائرات، فاسعار المحروقات ووقود الطائرات في الاردن تجاوزت ما هو مطبق في كبريات المحطات العالمية رغم انها دول غير نفطية. وذلك له تأثير سلبي كبير على شركة الملكية الاردنية بوجه الخصوص، التي تشتري حوالي 70 % من حاجتها من وقود الطائرات محليا عبر “شركة مصفاة البترول الاردنية”، وتشتري باقي ما تحتاجه من وقود الطائرات من حوالي 60 محطة عالمية، منها 59 محطة اسعارها ارخص مما تقدمه شركه مصفاه البترول الاردنيه .
* ان الملكية الاردنية لا تستطيع عكس كلفة ارتفاع اسعار وقود الطائرات التي تفرضها الحكومة على اسعار التذاكر كاملة بل تقوم بعمل ما تستطيع بعكس ما نسبته 50-45 بالمئة من قمية الارتفاع وهو ما يسمى “ضريبة الوقود”.كما ان اسعار التذاكر لا توازي الارتفاعات الحاصلة حاليا على اسعار وقود الطائرات محليا، وهو ما يهدد القدرة التنافسية لشركة الملكية الاردنية اقليميا وعالميا.
*بلغت ادنى قيمة للسهم عام 2013 حوالي 400 فلس واعلى قيمة 650 فلسا وهذا ان دل فانه يدل على عدم ثقة المتداولين في سهم الملكية الاردنية
*اتخاذ الحكومة لبعض القرارات الاستراتيجية دون دراسة جدوى اقتصادية شفافة وواقعية
*الحكومة لم تحرك ساكنا عند بداية ازمة الملكية مما ادى الى تفاقم ازمتها وانخفاض قيمة السهم السوقية
*العمالة الاجنبية ورواتبها شكلت عبئا كبيرا على ادارة الملكية وهنا نحبذ استبدال تلك العمالة باخرى اردنية حيث يوجد من الكفاءات الاردنية في هذا المجال الكثير لتعويض العمالة الاجنبية وبنفس الانتاجية وبكلفة اقل.
*كلفة تشغيل الطائرات اصبحت عالية جداً وعلى الحكومة ان تبحث جديا موضوع استئجار الطائرات التي تنتهي بالتمليك حيث ان هناك طائرات قديمة مستأجرة يمكن الاستغناء عنها مقابل طائرات حديثة
*ان مطار الملكية بمثابة استثمار لشركة خاصة تقوم على أساس الربح ولا تعطي أي أفضلية للملكية، وإن المطارات المملوكة للدول الاخرى في العالم وخاصة العربي تعطي أفضلية كبيرة للشركات الناقلة الرسمية والمحليه التابعة لدولها.
5- كلفة شراء الطائرات الجديدة:
• إن الطائرة بعد سنوات وساعات الخدمة تصبح مكلفة مادياً من ناحية الصيانة واستهلاك الوقود أكثر بكثير من قيمة استهلاك الطائرات الجديدة.، وعند دراسة الأمور حالياً نجد أن تكلفة استئجار الطائرات العاملة حالياً أقل من الجديد.
ولكن عند دراسة الموضوع بحساب الكلفة الكلية:الصيانة +الاستهلاك+الإيجار، نجد أن الطائرات الجديدة أقل كلفة سنوياً من القديمة، ناهيك عن أن الطائرات الحديثة تجهل الشركة أكثر استقطاب الى الزبائن.
6-إن الأردن هو مصنع الأيدي العاملة للدول العربيةومصدرها،بالاضافة ان الملكية الأردنية بخبراتها الطويلة أصبحت المدرسة الأكبر بتخريج الأيدي الأردنية المدربة والمحترفة.وبهذا المجال أصبحت جامعة الجامعات في المنطقة، وأصبحت بكل فخر المصدر الرئيسي للموارد البشرية المؤهلة في عالم الطيران لناقلات جوية عربية وعالمية عديدة.
7-إن الملكية توظف ما يقارب 5000 موظف نعم إن هذا الرقم ممكن أن يكون زائد عن حاجة الملكية ولكن الكل يعلم أن الاستغناء عن الموظفين ليس بالقضية السهلة في الأردن.
وإن توظيف هذا العدد يعني أن 5000 عائلة تعتاش من الملكية كما أن الشركات المساندة لخدمة الملكية توظف عدد لا بأس به من الأيدي العاملة فإذا تمت الحسبة بالأرقام نجد أن الملكية والشركات التي تعتاش على الملكية تصل الى عشرين ألف مواطن أردني في الحد الأدنى.
هل هذا الحديث كله لا يدفعنا الى حماية الملكية الأردنية والدفاع عن الشركة العريقة (الناقل الرسمي الوطني).
* رئيس غرفة تجارة الأردن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.