صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مستقبل الكيان من المستحيل إلى الممكن

0

إن بقي جدل حول نتأئج معركة “العصف المأكول” في غزة فمداره إن كان صمودا او انتصارا.

لكن الذي لا يحتمل الجدل ولا خلاف عليه هو فشل مسيرة التسوية التي انطلقت من مدريد قبل ربع قرن من الزمن، فشل المسار لأنه لم يحقق ما راهن الفلسطينيون على انجازه، فلم تقم الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود حزيران عام ١٩٦٧، ولم يفرج عن ألآف الاسرى والمعتقلين وتزايدت وتيرة الاستيطان ومصادرة الاراضي وتهويد القدس واقتحام المسجد الاقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا لصالح اليهود .

الاتفاقيات والمعاهدات ومسلسل المفاوضات حقق اهداف “اسرائيل” وأصبحت وظيفة السلطة الفلسطينية حماية الامن الصهيوني مقابل منح مالية دولية تقدم لجهاز امني فلسطيني تم تدريبه برعاية أميركية تابع لجهاز الامن “الاسرائيلي” تحت عنوان التعاون والتتسيق الامني هدفه المعلن قمع المقاومة ومنع قيام انتفاضة جديدة.

بعد “العصف المأكول” بعشرة ايام صادرت “الحكومة الاسرائيلية” اربعة الآف دونم من اراضي الضفة الغربية وهذه الجرعة الكبيرة اكبر مساحة مما حصل في مرات سابقة.

مغزى هذا القرار ان رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو سارع بهذا القرار انقاذا لحزب الليكود ولحكومته من الانهيار.

نتنياهو الذي خاض معركة الجرف الصامد في ٥١ يوما ضد غزة لم يحقق اي هدف من اهدافه فلم يقضي على حركة حماس ولم ينزع سلاح المقاومة ولم يدمر الانفاق ولم يستطع التوغل في الارض التي انسحب منها رغم انفه مخلفا وراءه جنودا في الاسر ومستجديا وقف اطلاق النار عدة مرات.

في المقابل ولأول مرة وصلت صواريخ المقاومة في العمق الجغرافي الى حيفا وما بعدها، وشلت الحركة الاقتصادية والسياحية ومنعت الملاحة الجوية لعدة ايام وعطلت الدراسة والرياضة وشهدت المستوطنات المحيطة بغزة نزوحا جماعيا زاد عن نصف مليون مستوطن.

كل ذلك قبل فتح ملف تبادل الاسرى الذي يشكل رافعة نضالية لصالح برنامج المقاومة.

خسائر نتنياهو تحتاج الى جردة حساب ولجنة تحقيق، ومن اجل ذلك اسرع نتنياهو في البحث عن انجاز سهل يعوض جزء من خسارته في الحرب.

المعركة لم تقتصر على الاشتباك العسكري الميداني حيث تتفوق القدرات العدائية في هذا الجانب، ولكن المعركة كانت معركة الإعداد بالدرجة الاولى، انها حرب الادمغة والابداع، تفوقت فيها المقاومة واكتشفت الامة العربية ذاتها، وتوازت فيها مسارات التحدي والتفوق في الجانب الاعلامي والامني والسياسي.

باختصار ليست هذه هي الحروب التي خاضتها “اسرائيل” سابقا، اذ وجدوا انفسهم امام مقاتل جديد ومفاوض جديد واعلام جديد فضح المجازر البشعة للعدوان، وسحب من رصيده العالمي الذي راكمه عقودا طويلة من الزمن، فالصورة التي تشكلت في الوجدان الانساني بعد المعركة أن “إسرائيل” قاتلة الاطفال، حيث اشارت نتائج استطلاعات الراي الاوربي خسارة جديدة وعزلة قادمة وخاصة اذا رفعت قضايا جرائم الحرب ضد القيادات السياسية والعسكرية “الاسرائيلية” في الدنمارك وافق ٧٠٪ على هذه النتيجة.

بعد هذه المعركة المختلفة عن معارك التحريك وتحسين المواقع التفاوضية والصراع على المكاسب والحدود، فإن المعادلة الجديدة وضعت مستقبل الكيان الوجودي في الميزان والنتيجة أن زوال اسرائيل اصبح ممكنا بعد ان كان مستحيلا.

المستقبل لخيار المقاومة والبندقية بعد ان سقط غصن الزيتون وتهاوت معه منظومة ثقافية وفكرية ونظم سياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.