صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أمن الإنترنت يخرج من ظل الحكومة إلى أضواء الشركات

0

عنوان “نيمرود هاوس، إنيجما بيزنيس بارك”، يبدو مناسباً بشكل خاص لشركة تنطوي على التشفير وتأمين الاتصالات للجيش البريطاني. سبق لمحللي الشفرات من قوات الحلفاء أن استخدموا آلة إنيجما ألمانية لفك شفرة الاستخبارات الألمانية في الحرب العالمية الثانية، في حين أن “نيمرود” كانت طائرة مراقبة بحرية بريطانية في الحرب الباردة.

في الواقع، تقع شركة “ديب سيكيور” في مالفيرن، والأسماء تُنسب إلى موسيقى السير إدوار إلجار، الذي كان يملك ارتباطات عميقة مع بلدة وورسترشاير الريفية الواقعة على تلة.

يقول روبن كينج، الرئيس التنفيذي، الذي نقل شركة ديب سيكيور إلى مالفيرن بسبب وجود مجموعة شركات أمن الإنترنت الموجودة في الأصل في البلدة، من ضمنها كينيتيك، الفرع الذي تم تخصيصه من وكالة تقييم الدفاع والأبحاث التابعة للحكومة البريطانية، “نحن مُحاطون بمفارقات”.

الأمن في الغموض كان تعويذة الشركات مثل ديب سيكيور، التي باعتبارها مقاولاً لخدمات الدفاع والاستخبارات في المملكة المتحدة، كانت نادراً ما تستطيع رواية قصتها. ليس بعد الآن، فالمنظمات، من شركات المرافق العامة الكبيرة وشركات الطاقة، والمصارف، إلى مجموعة من شركات أصغر، تتسارع لبناء أمن الإنترنت فيها ضد احتمال فقدان بيانات رئيسة مثل أسرار التصميم، وبراءات الاختراع، ومعلومات العملاء، واستراتيجية الإدارة، من قراصنة الإنترنت والجواسيس.

بعد العمل أساساً لمصلحة الوكالات الحكومية في المملكة المتحدة، بدأت شركات أمن الإنترنت تخرج من الظلال.

الفرص ضخمة، مع تقدير الحكومة أن جرائم الإنترنت تُكلّف اقتصاد المملكة المتحدة 28 مليار جنيه سنوياً. على الرغم من أنه يتم التحكم بالمبيعات الأجنبية بعناية، لكن هناك فرص تصدير أيضاً، مع تمتّع المملكة المتحدة بسمعة قوية في الخارج.

يقول كينج، الذي مثل العديد من أصحاب المشاريع في “سايبر فالي”، وعمل سابقاً في شركة كينيتيك: “إن جميع الشركات الكبيرة لديها مجموعات من بيانات ذات قيمة عالية لا ترغب بفقدانها فعلاً، أقرب إلى نوع الأمور التي إذا خسرها الدفاع، فإن الأشخاص سيموتون”.

شركة ديب سيكيور توظف 30 شخصاً، وتحقق إيرادات تبلغ نحو ثلاثة ملايين جنيه. منتجها الرئيس هو حارس البرامج، الذي تم تطويره في الأساس للسماح لوزارة الدفاع بالتواصل بأمان مع حلف الناتو، لكنه الآن يستخدم لتدفق أية بيانات ذات قيمة عالية، مثل التواصل بين أي مجلس إدارة والمستشارين الماليين للشركة.

ليست الشركات الكبيرة فقط هي التي ترغب في الاستثمار في هذه الأدوات. إيما فيلبوت، المنسقة في سيفيرن فالي سايبر لانشباد، وهو برنامج لتشجيع الشركات الناشئة، ترأس اجتماعاً أسبوعياً لشركات أمن الإنترنت المحلية.

وتقول إنه: “بما أن الشركات الكبيرة تقوم بإحكام التأمين إلى أقصى درجة، سيبدأ الأشرار باستهداف الشركات الأصغر”. مع هجمات الإنترنت التي تشكّل مثل هذا التهديد سريع التغيّر، سواء كان من القراصنة، أو الشركات المنافسة، أو الجريمة المنظّمة، أو الحكومات غير الودية، تتوقع أن تأتي العلاجات من مزودين مبدعين أصغر حجماً، الذين يملكون سرعة في التنفيذ وقدرة أفضل على الاستجابة.

الاستفادة من فرصة السوق هذه تمثّل تحديات إدارية، من المسألة البسيطة لكيفية تسمية شركة إلى العثور على موظفين مهرة مع تصريح أمني، لتأسيس استراتيجة وسائل الإعلام الاجتماعية دون المساس ببيانات الشركة أو بيانات العملاء.

يقول ستيف بورويل فوكس، الذي تقوم شركته الاستشارية بورويل القائمة في مالفيرن بتوفير خدمات مثل التدقيق على الشيفرات لاختبار دفاعات الشركات عبر الإنترنت: “كان بإمكاننا تسمية أنفسنا شركة بورويل ديفينس سيستمز”، لكن ذلك اللقب قد يُثير اهتمام الحكومات الأجنبية وآخرين: “ستتم مهاجمة موقعنا الإلكتروني على أساس يومي من قِبل أشخاص يتوجهون إلى مواقع إلكترونية، دون سابق إنذار لنا”.

مع ذلك فإن بعض الشركات ارتأت أن من الأفضل بالنسبة إليها أن تكون علنية، مثل بيربيل سيكيور سيستمز، التي يدّل اسمها على اللون الذي يُستخدم تقليدياً للدلالة على جميع الخدمات المسلحة.

إذا كان القطاع سينمو، من المرجح أن يكون هناك طلب كبير على المهارات، لكن، مرة أخرى، فإن طبيعة العمل تعتبر نوعاً من القيود، إذ يجب على معظم الموظفين الخضوع لفحص أمني للعمل على مشاريع الدفاع الكبيرة، والبنية التحية الوطنية الحرجة.

يتضمن ذلك أن تحمل جواز سفر بريطانيا – أو في أحسن الأحوال أن تكون مواطناً في الاتحاد الأوروبي – مع أن جزءاً كبيراً من خريجي مقررات الكمبيوتر في الجامعات البريطانية، من الأجانب.

يقول بورويل فوكس، إن العقبة الأكبر هي في التسويق، بما في ذلك استخدام دراسات حالة ومراجع للفوز بأعمال جديدة. “لا يمكننا مجرد القول إننا ذهبنا إلى [شركة كبيرة] لتسوية نظام حسابها وكانت برامجها مليئة بالفجوات”.

توني ماكدويل، الذي تخوض شركته الاستشارية إنكريبشن اختبارات اختراق لدفاعات أمن إنترنت الشركات، المعروف أيضاً باسم القرصنة الشرعية، يقول: “عليك أن تكون حذراً لعدم وضع الكثير من المعلومات على الإنترنت. إذا دخلت على صفحة التوظيف في موقعنا الإلكتروني، فلن ترى فيها طبيعة عملنا”.

لتجاوز مثل هذه الحواجز للدخول، تعلّمت الشركات الصغيرة أن تكون مبدعة في اللغة التي تستخدمها لتوضيح طبيعة عملها. يقول ديفيد هاريس، المؤسس المشارك لشركة بيربل سيكيور سيستمز، “إننا نتحدث بلغة عامة جداً … فلا يمكننا الخوض في التفاصيل، ولا نقول مع من نعمل”.

إيان وايتنيج، الرئيس التنفيذي لشركة تيتانيا للبرامج في ورسيستر، يملك نسختين من حملة تسويق الشركة لجماهير مختلفة: “واحدة تستخدم مصطلحات غير تقنية تُعطي لمحة عامة عن طبيعة عملنا. والثانية تقدّم مادة مكونة من عدد من النقاط [التي تعتبر تقنية أكثر بكثير]”.

يقول كينج: “عندما ندخل سوقاً جديدة، فإن التحدّي الذي نواجهه هو أن نكون قادرين على التحدث عن الأعمال التي قمنا بها، بطريقة تُحافظ على السرية”.

اللعنة بالنسبة للشركات المُدربة على السرية هي، بالطبع، وسائل الإعلام الاجتماعية. العديد من الشركات لا تُشجع موظفيها على استخدام موقعي تويتر أو فيسبوك، لكن توم فيرفاكس، الذي أطلق شركة سيكيوريتي ريسك مانيجمنت القائمة في نيوكاسل بعد مغادرته الجيش عام 1991، يعتقد أن بإمكان وسائل الإعلام الاجتماعية لعب دور، إذا تم استخدامها جيداً.

ويقول: “مجال المعركة الذي نحارب فيه مع الإنترنت يشبه كثيراً مجال المعركة الذي حاربنا فيه كجنود استطلاع”، حيث يذكر الفترة التي قاد فيها وحدة استطلاع مدرّعة. لقد تم “تدريبة للحصول على المعلومات، لكن أيضاً بطريقة الإفصاح عنها. كذلك الإنترنت هو الشيء نفسه”.

يعتبر فيرفاكس وسائل الإعلام الاجتماعية أداة تسويق حيوية “ذات استجابة فورية” بإمكانها أيضاً المساعدة على درء مهاجمي الإنترنت. يذكر أنه عندما كان في الجيش وأصدر خريطة تنسيق لوحدته، دون تشفير إشارات الراديو أولاً: “قد لا يهم أن العدو الذي يراقب المحطة كان بإمكانه سماعي، ومعرفة شبكة المراجع وما كنت سأفعله، لأن أفراد وحدتي إذا ما تمكنوا من الوصول إلى هناك في ثماني دقائق، وتطلب الأمر من العدو 20 دقيقة للاستجابة، عندها سأكون قد فزت في ذلك الاشتباك بالتحديد”.

يواصل الحديث: “إذا كان بإمكانك اغتنام الفرصة، ودخول دورة اتخاذ القرار لشخص ما، فالأمر يستحق خطر انتهاك القليل من السرية عن طريق الكشف عن قدرتك. يمكن تطبيق المبادئ نفسها مع وسائل الإعلام الاجتماعية – حيث يمكن أن تكون مفيدة بشكل لا يصدّق، لكن عليك أن تكون حذراً”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.