صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ماذا حدث مع الإعلام المصـري؟

0

اضطرت إحدى المذيعات الرئيسيات في قناة مصرية إلى تقديم استقالتها بضغط من مالكي القناة بعد أن قامت بتوجيه إساءات واتهامات بذيئة للشعب المغربي في برنامجها. مالك القناة والذي يمتلك استثمارات مهمة في المغرب ودول عربية أخرى لم يكن قادرا على تحمل تعرضه لحملات شعبية وكان من الأسهل عليه التخلص من العبء الزائد المتمثل في المذيعة الخارجة عن الوقار والمهنية والاحترام. ولكن في قنوات أخرى كثيرة وفي بعض الصحف والمواقع الإلكترونية شهدت الفترة الأخيرة (قبل وأثناء العدوان على غزة) انفلاتا حقيقيا في التهجم والإساءة إلى الكثير من الشعوب العربية وخاصة السوريين والفلسطينيين واللبنانيين وذلك تحت عدة ذرائع وتجاوزت في حدتها ما تابعناه في الإعلام المصري أثناء حرب الخليج 1990 والتي تميزت بهجوم كاسح على كافة الدول العربية التي رفضت العدوان الأميركي الثلاثيني على العراق.
من الصعب علينا في الأردن أو دول عربية أخرى أن نفهم هذا التحول الجذري في مواقف الإعلام المصري وخاصة تجاه الشعب الفلسطيني. في السنوات السابقة كانت القاهرة أول مدينة عربية تشهد مظاهرات ونشاطات تضامنية مع الأشقاء الفلسطينيين وكان الإعلام المصري رياديا في دعم الشعب الفلسطيني. حدث الكثير من التحول في فترة حكم محمد مرسي والإخوان المسلمين وهذا أمر ربما نتفهم بعض أسبابه ولكن ليس المدى الكبير الذي وصلت الأمور إليه. فترة حكم محمد مرسي كانت قصيرة ولكن مزعجة للكثير من المصريين وبعد إزاحته شنت وسائل الإعلام هجوما كبيرا عليه وعلى الإخوان المسلمين وبطريقة ما أدخلت حركة حماس في هذا الهجوم واتهمت حماس بأنها شاركت في “عمليات إرهابية ضد الجيش والشعب المصري” وأنها “كانت شريكة لمرسي في اضطهاد المصريين” وغير ذلك من الاتهامات التي وصلت إلى درجة اتهام أعضاء حماس بالمشاركة الجسدية والفعلية في مواجهات مع مناهضي مرسي في ميدان التحرير وغيره من مواقع الصدام.
هذا المستوى من التحريض والكراهية تم زرعه في قلوب وعقول الكثير من المصريين وكانت نتيجته مجموعة مثيرة للأسى من الاتهامات ضد حماس في العدوان الإسرائيلي الأخير إلى درجة التأييد المباشر والظاهر للجيش الإسرائيلي والدعوة للقضاء على حماس مع تجاهل كامل لفداحة الخسائر البشرية لسكان غزة وخاصة الأطفال. لقد كان من المستهجن أن نجد في صحف إسرائيلية وأميركية تعاطفا مع الشعب الفلسطيني ومع سكان غزة أكثر مما وجدناه في الإعلام المصري.
بالطبع مصر ليست هؤلاء الإعلاميين وهي نبض الحياة والحضارة للأمة العربية وهنالك الملايين من قادة الرأي والمواطنين العاديين المتعاطفين تماما مع القضايا العربية ولكن المشكلة أن السياسة الإعلامية الحالية في مصر والتي لا تتحمل شخصا مثل باسم يوسف منحت كل المنابر الإعلامية الرئيسي لأصحاب البارانويا ونظريات المؤامرة ودعاة التحريض على الأشقاء العرب وهذا سوف ينعكس في نهاية الأمر على سمعة مصر العربية وعلى مصداقيتها كدولة ريادية في جميع الشؤون السياسية والاقتصادية العربية والمطلوب أن تسود الحكمة في الرؤية التي تقود السياسة الإعلامية المصرية حاليا.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.