صحيفة الكترونية اردنية شاملة

غزة بعد الحرب

0

في اللحظة التي ينشغل فيها الكثيرون بحساب الارباح والخسائر وعدد الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة والخراب المرافق لألم المعاناة في حرب باطشة محكومة بنزعة الثأر والانتقام والشعور بالاستعلاء والغطرسة لجيش يحلو لقيادته وضحاياه ان يصفوه بانه الجيش الذي لا يقهر, في هذه اللحظة ينشغل آخرون بقراءة المستقبل المتشكل بعد ان تضع الحرب اوزارها.
هي الحرب التي لها طعم كريهٌ تنفر منه النفوس وطبائع البشر وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بانها :”ذات الشوكة” وقال جل وعلا: )كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(
على الرغم من ان هذه هي الحرب الثالثة بين حركة حماس و”اسرائيل” فلا زالت المواقف هي نفسها للدول والكيانات والتحالفات المصطفة ومعها ابواق واقلام ومنابر وممالك اعلامية منذ معركة الفرقان 2008 وحتى هذه اللحظة فالكائنات السياسية اياها تدين المقاومة المشروعة بل والمفروضة وتبرر للعدوان جميع اعماله الارهابية ولأنها زعامات مصطنعة لم تكن يوما من الايام مؤمنة بالنضال ولا بالتحرير ولا باي شكل من اشكال المقاومة فانها تطالب (الاطراف بضبط النفس), ليس شفقة على الشعب الفلسطيني ولا حرصا على مصلحته ولكنها الادوار الوظيفية القذرة وثقافة الهزيمة والاختراق الصهيوني لنوازع النخبة المدجَنة, خلافاً للوجدان الشعبي الرافض لتلك الزوائد والهرطقات المبتذلة.
غزة… لا تعبأي بمن يسخر من بأسك الشديد وإبداعك التليد, ومن كان عنده افضل مما فعلت غزة فالميدان مفتوح والساحة تنتظر الجميع ومنكم من انفق المليارات بغير حساب على فسادهم ولهوهم وعبثهم وفسقهم وفجورهم ومبادراتهم الذليلة, وانفقوا مثل ذلك دعماً للانقلابات والثورات المضادة لمصادرة حريتنا واغتيال احلامنا.
غزة…لا تنتظري من هؤلاء واؤلئك دعماً او عوناً فهم في غيهم يعمهون ولو خرجوا معك ما اضافوا إلا خبالا واحباطاً وفتنةً وفي القوم سماعون لهم.
هي غزة…التي أبى البحر ان يبتلعها كما تمنى رآبين ذات يوم، وعجز البلدوزر مهندس الإستيطان شارون عن تحمل تبعات احتلالها بعد ان حسبها تمرة سهلة الهضم وتبين له ولغيره أنها جمرة متَقدةً تحرق الكبد والاحشاء, فهرب منها مذموماً مدحوراً تحت عنوان (الإنسحاب أحادي الجانب ونظرية الإنطواء).
هي غزة…التي رفضت الدخول الى الحظيرة وأبت الانصياع لبيت الطاعة الصهيوني, وإستعصت على الترويض وصمدت في في وجه التقويض.
هي غزة… التي تمردت على التطويع وابطلت كل محاولات الترويع, من الرصاص المصبوب 2008 مروراً بعامود السحاب 2012 واخيراً بالجرف الصامد 2014 .
هي غزة… كتبت على جبين التاريخ بدم الشهداء ومعاناة الجرحى واهآت الثكلى قصة شعب اراد الحياة فواجه مخرز الظلم والطغيان بكفه الجرداء فقاوم كيد الاعداء وتخاذل الاقرباء وتآمر الاشقاء.
هي غزة…التي انتصرت واعادت معادلات الصراع الى بدايته الاولى حيث كانت شعارات “العاصفة والثورة مستمرة حتى النصر…” .
غزة…لماذا هم غاضبون منك هذا الغضب؟ . ألأنك احرجتهم جميعا؟ نعم ويحق لك ذلك, فالتاريخ سيكتب أن “اسرائيل” قصفت سوريا المقاومة والممانعة مرات عديدة ولم ترد بطلقة واحدة وكانت جبهة الجولان اكثر الجبهات حفظاً لأمن الصهاينة, وسيكتب التاريخ … !أن “اسرائيل” قصفت سيناء المصرية وقتلت جنودا مصريين ولم يرد عليها برصاصة واحدة, وسيكتب التاريخ … !ان “اسرائيل” قتلت رئيس أركان حزب الله اللبناني عماد مغنية ولم يرد عليها بصاروخ واحد لا في حيفا ولا بعدها ولا قبلها على الرغم من التهديد الذي ملأ الفضاء والوعيد الذي ذهب ادراج الرياح, وسيكتب التاريخ … !ان “اسرائيل” قتلت قاضيا أردنيا بدم بارد ولم يرد عليها بكلمة واحدة فيما بقي الجندي الاردني البطل احمد الدقامسة قيد السجون الاردنية نيابة عن السجون الصهيونية حتى اللحظة لأنه قتل عدداً من الصهاينة المعتدين, … وسيكتب التاريخ….أن “اسرائيل” قتلت العشرات بل والمئات من قيادات منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية الثورية وكلهم ينتظر اللحظة المناسبة للرد الذي لم ولن يأت ممن ضلت سبيلهم وتحولت بنادقهم لحصار المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان وقتل الابرياء. واخيراً سيكتب التاريخ أن “إسرائيل” اطلقت اول صاروخ على غزة فكان الصاروخ الثاني في عمق تل الربيع المحتل فالعين بالعين والسن بالسن والبادء اظلم.
وحدها غزة هي التي فعلت ذلك, ومن لم يعجبه فليشرب من البحر الميت حتى يموت كمداً وغيظاً.
حماس ادركت أن الحديد لا يفله الا الحديد وكل شيء ضده من جنسه حتى الحديد سطا عليه المبرد, وحديد حماس فيه باس شديد الا سلمت الايادي والهامات, ولا نامت اعين الجبناء.
لمَ هم حانقون؟
ألانهم متورطون بالرذيلة ولا يطيقون طهارة الجهاد وعبق الاستشهاد وتجدهم احرص الناس على حياة مغمسة بالذل والهوان؟. ام لان المقاومة ورجالها سكنوا في قلوب الشعوب التواقة للحرية والانعتاق والاستقلال؟
الآن عرفنا لماذا كان اول عمل قام به الانقلاب العسكري في مصر هو إغلاق المعبر وتدمير الانفاق وتشديد الحصار, واول تهمة للرئيس البطل مرسي هي التخابر مع حماس واول جريمة يرتكبها إعلام الرق والعهر هو شيطنة حماس واول قرار سيادي هو تجريم الحركة المجاهدة ووصفها بالارهاب.
ألا شاهت الوجوه وشُلت ألايادي التي لا زالت تصقل السيوف وتلمع الشوارب والبصاطير, ولو عاش فيكم الحطيئة لقال فيكم ما لم يقله في هجاء الزبرقان
دع المكارم لا ترحل لبغيتها………واقعد فإنك الطاعم الكاسي. (واقعد فإنك انت الفاجر الخاسي).
ذلك أن نواطير الحي لم يدَع احدٌ منهم انهم طلاب كرامة ولا يبتغون العزة, وسنجدهم يبكون مثل النساء ملكاً لم يحافظوا عليه مثل الرجال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.