صحيفة الكترونية اردنية شاملة

على ابواب انتفاضة فلسطين التاريخية

0

المشهد واضح والموت واضح ساطع مثل الشمس في منتصف النهار ، ولا احد الان يستطيع الادعاء بالغموض او عدم الفهم ، فالشهيد الشاب ابو خضير لم يقتل برصاصة طائشة ، بل احرق وهو حي ، فكان الشرارة التي لطلقت بودر الانتفاضة الجديدة .
وعندما ينتهي كل شيء ، ويتم الاعتداء على الحرية والجمال والشباب والحياة ، تبدأ الانتفاضة ضد الظلم والقهر والاحتلال . فمن القدس انطلقت الانتفاضة الثانية “انتفاضة الاقصى” في العام 2000 ، ومن القدس تبدأ الانتفاضة الثالثة بعدما نضجت ظروفها وحان وقتها ، فالمدينة التي وهبها الله هذا التاريخ المقدس انتفضت من اجل الدفاع عن حريتها وكرامتها ، تلك الحرية القادرة على استحضار الحياة الى بيوت وحارات المدينة في اسرها .
لقد تسلل الغزاة الى المدينة وتاريخها باسم الحق الالهي في هذه الارض ، وترجموا السلام الى دبابات وطائرات وخرافات ومستوطنات ، دون ان يعرفوا ان الحق اقوى من كل الاسلحة . وفي القدس ، كما في كل المدن الفلسطينية ، مارس الاحتلال كل اشكال القمع والتعذيب والتجويع ضد شعب كامل في زمن لم يعد فيه احتلال ، فاصبحت اسرائيل مكشوفة بلا اخلاق ولا ديمقراطية ولاانسانية في عالم بات يسأل عن الدولة الفلسطينية وحق شعبها بتقرير المصير .
الحقيقة ان اسرائيل بكاملها تعيش ازمة وجودية ، وهذا الاحساس والمعتقد يقود حكومتها اليمينية المتطرفة ومجتمعها الذي تحرك بكامله نحو اليمين الى حالة من الارتباك والارتياب خلقت حالة من عدم التوازن ، او حالة من التيه ، دفع بالاسرائيليين الى رفض كل المبادرات والمعاهدات لتحقيق السلام العادل الشامل . وهذا الموقف جر اسرائيل الى العزلة الدولية ، بعدما سئم العالم من المراوغة والخداع والتخبط والقفز على حبل الواقع والتاريخ الذي يمارسه نتنياهو وفريقه الحكومي المتشدد .
صحيح ان خلافات دبت بين اعضاء الحكومة ، حيث يعارض بعضهم الانزلاق نحو شن حرب على قطاع غزة واعادة احتلال القطاع ، الا ان الدعوة لاتزال قائمة رغم التردد الناتج عن المخاوف من النتائج غير المضمونة ، ومن الثمن الذي سيدفعه الجيش الاسرائيلي . ولكن هناك حقيقة اخرى تقلق اسرائيل بشكل جدي ، وهي الخشية من اندلاع انتفاضة ثالثة لا تتوقف داخل حدود الضفة الغربية والقدس المحتلة ، بل تتجاوزها الى داخل الخط الاخضر لتكون شاملة لكل فلسطين التاريخية ، اي في المثلث والجليل والنقب ومدن الساحل .
هذا هو التحدي الاكبر الذي تخشاه اسرائيل ، وهذا هو السبب الذي دفع حكومة اليمين الاسرائيلي لمزيد من التفكير والتردد ، وانتظار دور المبادرات الاقليمية والدولية لتهدئة الوضع ، والى الاعلان عن اعتقال المشتبه بهم بارتكاب جريمة قتل الشهيد الشاب محمد ابو خضير ، ولكن قد لا تسيرالرياح في الاتجاه الذي تتمناه وتشتهيه حكومة نتنياهو ، لأن الشعب الفلسطيني بدأ يفهم لغتهم ويعرف مقاصدهم ، بعدما اغلقوا كل المنافذ والابواب امام السلام العادل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.