صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المد يتحول ضد عمليات إعادة شراء الأسهم

0

تتبع المال. هناك دائماً نوع من الحقيقة في الطريقة التي تختار بها الشركات نشر أموالها. وفي الولايات المتحدة يبدو الأمر وكأن الشركات بدأت تخشى من أن أسهمها مكلفة للغاية.

كان هناك تغيير قاطع في سلوك الشركات خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ تقرر الشركات بأعداد كبيرة عدم إعادة شراء أسهمها. وتبين مجموعة الأبحاث الأمريكية، ترم تابس، أن الأموال التي تم إنفاقها على إعادة شراء الأسهم في الشهرين الماضيين كانت في أدنى مستوياتها منذ كانون الثاني (يناير) لعام 2013.

وبلغت عمليات إعادة الشراء المعلنة ذروتها في شباط (فبراير) 2013، واتجهت إلى الانخفاض منذ ذلك الحين، قبل أن تتهاوى. وتم إنفاق 22.2 مليار دولار على إعادة شراء الأسهم فى حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بـ 61.7 مليار دولار أنفقت في حزيران (يونيو) 2013.

وفي الوقت نفسه بلغ عدد الشركات الأمريكية التي أعلنت عن خطط لإعادة شراء الأسهم في حزيران (يونيو) 38 شركة وهو الأدنى منذ حزيران (يونيو) 2011. مثل هذه الاتجاهات تستغرق بعض الوقت للتحول – لكن يبدو أن تجربة الأسابيع القليلة الماضية تؤكد على مؤشرات بأن هذا الاتجاه يعد تحولا ضد عمليات إعادة الشراء.

وإعادة الشراء تعتبر ملاذاً كلاسيكياً للمديرين الذين لا يمكنهم التفكير في القيام بأي شيء منتج يوجهون إليه أموالهم. إذا قدموا بدلاً من ذلك نفقات رأسمالية، سيكون ذلك من دواعي سرور السياسيين الحاكمين، كما كتبتُ في مقال سابق.

لكن استخدام الشركات للسيولة يمكن أيضا أن يكون “علامة” قيمة على ما إذا كانت تعتقد حقا أن أسهمها رخيصة دون الحد. بعبارة أخرى، يمكن للمديرين الذين يعتقدون أن أسهم شركاتهم مقومة بأقل من قيمتها أن تعطوا إشارة بهذا المعنى، وزيادة عوائد المساهمين فيها من خلال زيادة نصيب السهم من الأرباح.

الشركات التي لديها عملية إعادة شراء قوية كانت تكافأ باستمرار خلال مسيرة ما بعد الأزمة. في السنوات الخمس الماضية تراجع صندوق PowerShares Buyback Achievers، المليء بالشركات التي تنفذ عمليات إعادة شراء كبيرة، بنسبة 22.7 في المائة سنوياً، مقارنة بـ 18.8 في المائة لمؤشر ستاندرد آند بورز (و19.6 في المائة في صندوق العوائد الذي يحقق أعلى توزيعات الأرباح).

لكن لا يصبح لعمليات إعادة الشراء أي معنى إذا كانت الأسهم أعلى من قيمتها الحقيقية. فهي لا تزال ترفع الأرباح للسهم الواحد، لكن الصفقة تهدر السيولة على أصول مبالغ في أسعارها.

وإذا حكمنا على الموضوع بصورة معزولة، يُظهر تراجع عمليات إعادة الشراء ضعف الثقة بين المسؤولين التنفيذيين في الشركات بأن أسهمهم رخيصة.

بطبيعة الحال لا ينبغي أن يحكم على الموضوع بصورة معزولة. فالعروض الجديدة التي تبدو أكثر منطقية، إذا كان سعر السهم فوق قيمته الحقيقية، تشهد ارتفاعا سواء من خلال العروض الثانوية أو من خلال الاكتتابات العامة الأولية، التي شهدت في الآونة الأخيرة حضور أسماء معروفة مثل مجموعة البيانات ماركيت آند جوبرو. والاكتتابات الأولية قوية أيضاً في أوروبا.

وبالنسبة إلى بيع الأسهم من قبل أشخاص مطلعين على الموضوع، فإن العلامة الكلاسيكية على أن الأشخاص المطلعين على الأمر يعتقدون أن أسهمهم مكلفة للغاية، تُظهر “ترم تابس” أن هذه العلامة ارتفعت بحدة في الأسابيع الأخيرة. في المقابل، هناك علامة واحدة على الثقة القوية هي العائد من عمليات الاندماج التي تمولها السيولة (وهو ما يعني عادة الديون). لقد زادت بصورة كبيرة، إذ تم إنفاق 74.4 مليار دولار على الاستحواذ النقدي في الأسابيع الستة الماضية. وكان هذا أعلى مجموع ستة أسابيع منذ شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) 2007، عندما كانت هناك موجة من الصفقات قبل أن تحل أزمة الائتمان. الاندماجات الممولة بالسيولة هي وسيلة أخرى لتقليص المعروض من الأسهم، وأيضاً تميل إلى رفع قيمة الأسهم (حتى وإن كانت لا تخلق بالضرورة أية قيمة اقتصادية). لكن تدافُع سلسلة من مثل هذه الصفقات يبدو أمراً غير سليم، ويشير إلى أن التنفيذيين يقومون ببناء المجال الخاص بهم في حين أن بإمكانهم أن يسبقوا قمة السوق، مثلما حدث فيما يبدو في صيف عام 2007.

على أية حال، إعلان شراء الشركات (بما في ذلك عمليات الدمج وإعادة الشراء نقداً) فاق عدد العروض الجديدة فقط بواقع 1.6 إلى 1 منذ بداية أيار (مايو). وبالنسبة للسنة ككل هذا الرقم هو 2.6 إلى 1. طريقة أخرى للنظر في هذا، وهي التي تفضلها نيد ديفيز للبحوث، هي مقارنة النمو في الأرباح للسهم الواحد مع الأرباح النقدية الإجمالية (دون قسمة الناتج على عدد الأسهم). حتى الآن هذا العام، لا يزال نمو ربحية السهم متخلفاً عن نمو الأرباح الإجمالية بنسبة 0.3 نقطة مئوية. هذا يعكس اتجاهاً عاما موجوداً منذ عام 2005، عندما اتجهت الأرباح على أساس الدولار للتخلف عن ربحية السهم. وتجد أبحاث نيد ديفيز أن السوق تميل لمكافأة نمو أرباح الدولار أكثر من نمو ربحية السهم؛ المساهمون معجبون بالتوسع الاقتصادي الحقيقي أكثر من إعجابهم بالهندسة المالية. ومع ذلك، في الفترات التي تنمو فيها ربحية الأسهم أسرع من الأرباح على أساس الدولار (الذي حدث فقط نحو 20 في المائة من الوقت منذ عام 1982) تميل إلى أن تحدث قبل فترات التراجع الصريح في الأرباح. وفي حين أن هذا ليس وشيكاً، تشير نيد ديفيز للبحوث إلى أنه “يستحق المراقبة”.

أما بالنسبة لمواقف المستثمرين إزاء ذلك، فإن صندوق Buyback Achievers لا يزال متخلفاً في السوق هذا العام، بارتفاعه 8.5 في المائة مقابل ارتفاع ستاندرد آند بورز بنسبة 14.9 في المائة. ومن الصعب رصد حركة تصحيحية في الطريق. فميزان الأدلة لا يزال يميل إلى الإشارة باتجاه استمرار المسيرة قبل أن يأتي التصحيح. لكن التزايد في الصفقات والتحول في استخدام السيولة للشركات لا يشيران إلى أن السوق في حالة استعداد للتصحيح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.