صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العراق .. بداية المشروع!!

0

“آن الاوان كي يحدد الاكراد هويتهم ويرسموا مستقبلهم ” هذا القول لرئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني ، الذي تحدث عن واقع جديد وعراق جديد خلال اجتماعه الاخير بوزير الخرارجية الاميركي جون كيري.

ففي الوقت الذي كان فيه كيري يتنقل في المنطقة في محاولة لايجاد حل لازمة العراق ، ويدعو الى تشكيل حكومة جديدة جامعة ، كان البرزاني يتحدث عن “استقلال ” اقليم كردستان ، وعن حق الاكراد في تقرير مصيرهم في خيار كردي لا غير . في حين كان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يعلن رفضه لاقتراح تشكيل حكومة انقاذ وطني جامعة ، واعتبر هذه الدعوة بمثابة انقلاب على الدستور.

وبالمقابل كان مسلحو منظمة ” داعش ” واخواتها ، ومن ناصرهم من الجيش السابق وابناء العشائر، يحققون انجازات على الارض في محافظة الانبار وفي مدينة بيجي حيث اكبر مصفاة للنفط.

هذه هي مكونات المشهد العراقي في ظل التطورات الاخيرة ، وهي التي تبعث على الشك والريبة بأن الطوائف ترسم حدود العراق الجديد على قاعدة المحاصصة الطائفية والعرقية .

وقد واجه العراق مثل هذا المشروع أكثر من مرة في تاريخه الحديث ، وكذلك الدول المجاورة له مثل ايران وتركيا ، حيث احبطت هذه الدول مشروع اقامة دولة كردية منفصلة داخل اراضيها وسلطتها لاكثر من مرة منذ بدايات القرن العشرين حتى اليوم ، حيث لا يزال هذا الحلم يراود مخيلة الاكراد في منطقة المثلث المتصل الاضلاع ، والذي يتشكل من اراض في العراق وايران وتركيا وسوريا .

واللافت ان مسعود البرزاني حرص على استقبال كيري في زيارته الاخيرة لاقليم كردستان باسلوب استعراضي يحمل رسالة الى الاميركيين في محاولة لافهامهم واقناعهم انه جاهز لاعلان دولته التي اصبحت قائمة على الارض ، خصوصا انه ركز الحديث عن واقع جديد في العراق ، بعد فشل التجربة الديمقراطية ، حسب قول البرزاني .

ولكن مشروع تقسيم العراق يلقي بظلاله على دول المنطقة كلها ، لأن العراق ليس جزيرة منفصلة بعيدة ، بل هو في وسط المنطقة وفي قلب الحدث ، ولأن تقسيم العراق يعني بداية اعادة ترسيم حدود دول الشرق الاوسط كافة ، وهو المشروع الذي تبنته واشنطن منذ غزو العراق ، والتي اصبحت عاجزة عن التدخل العسكري لتنفيذ المشروع بالقوة . لذلك غيرت في خطتها بحيث اوكلت المهمة لوكلاء شرق اوسطيين ، من اجل اكمال تنفيذ المشروع برعاية اميركية .

وامام ما يحدث في البلاد العربية ، منذ غزو العراق ، لا يحتاج المواطن العربي الى كثير من العناء والاجتهاد لفهمه او لمعرفة حقيقة الاهداف والنوايا الاميركية ، لأن المنطقة لم تشهد ، ولم تعش لحظة استقرار واحدة على مدى عقد كامل ، فالمنطقة في حالة من الجنون غير مسبوقة ، وقد تم تدمير وتخريب البنية التحتية ، وتقويض الهيكل الاقتصادي والسياسي في أكثر من نصف البلاد العربية ، بحيث تم ارجاع المجتمعات في بعضها الى مرحلة ما قبل اقامة الدولة المدنية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.