صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الخطة الاقتصادية الجديدة: هل من رؤية إنتاجية؟

0

تقوم الحكومة حاليا بتطوير رؤيتها للخطة الاقتصادية التنموية التي طلبها الملك بحيث تغطي السنوات العشر القادمة. بناء على تجارب سابقة لا يوجد الكثير من الطموح في أن تتمكن الحكومة ضمن إطار تفكيرها التقليدي من التقدم بخطة متميزة تختلف في منهجيتها عن النمط المعتاد من الخطط المعتمدة على مشاريع محددة معظمها للبنية التحتية وتخلو من الفكر التنموي السليم. ربما تكون هذه الخطة هي فرصة أخرى ضائعة لتحقيق نقلة نوعية في إطار التفكير التنموي في البلاد ولكن لا يزال هنالك بعض الوقت للتحول نحو نمط تفكير مختلف أكثر شمولية واستجابة للتحديات وكذلك أكثر إشراكا للمؤسسات المختلفة خارج إطار الحكومة.
تقوم الحكومة باتخاذ قراراتها التنموية عن طريق “لجنة التنمية الاقتصادية” التي تضم عدة وزراء في قطاعات تنموية مختلفة ولكن اجتماعات هذا المجلس تتم عادة لاتخاذ قرارات يتم الوصول إليها عبر تشاور محدود إما ضمن بعض الوزارات أو وزارة واحدة فقط ويقتصر في العادة على اتخاذ قرار فني أو تخصيص أموال. تقوم اللجنة ايضا بالموافقة على المشاريع المقدمة للتمويل من الجهات المانحة وأحيانا لا تحمل هذه المشاريع الشروط المطلوبة وتتعرض للتأخير كما حدث طوال العام الماضي مع المنحة الخليجية.
ما نحتاجه الآن هو نمط تفكير وتخطيط مختلف تماما قد يتمثل في إنشاء مجلس أعلى للتنمية المستدامة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية وزراء المالية والتخطيط والمياه والطاقة والزراعة والصحة والتنمية الاجتماعية والسياحة والبيئة والنقل والبلديات. هذا المجلس يجب أن يضم ايضا ممثلين عن المجتمعات غير الحكومية وخاصة التي تعمل في المحافظات على الأرض مثل مؤسسة نهر الأردن ومؤسسة نور الحسين والصندوق الهاشمي للتنمية البشرية والجمعية الملكية لحماية الطبيعة والصندوق الهاشمي لتنمية البادية وكذلك المجلس الاقتصادي الاجتماعي وهيئة المناطق التنموية. القطاع الخاص يجب أن يكون ممثلا أيضا من خلال الشركات الكبرى التي تستثمر في المحافظات أو تلك التي تبذل جهودا واضحا في تحقيق المسؤولية الاجتماعية.
واحد من أهم اسباب التزييف لحقيقة تآكل الاقتصادات العربية هو مؤشر الناتج المحلي الإجمالي الذي حقق نتائج عالية في معظم الدول العربية في الفترة 2005-2010 حسب تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي ولكنه أخفى في منظومته الضعيفة وغير الشاملة حقيقة الترهل في الانتاجية وغياب التنمية السليمة وزيادة التباين في مستويات الدخل بين الأثرياء والفقراء وبين المدن والريف. لطالما تغنى رؤساء الوزراء ووزراء التخطيط والاقتصاد في الأردن بزيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي قبل أن نصطدم بواقع الاحتجاجات الشعبية التي أسقطت اسطورة التنمية السائدة وأظهرت حقيقة تحالف الطبقات الفاسدة سواء تحت الليبرالية أو الاقتصادات الريعية، أو التنمية المستدامة التي كان يساء استخدامها من قبل الكثير من الوزراء والمسؤولين.
هل يمتلك المسؤولون والبيروقراطيون الممسكون للقرار الاقتصادي الجرأة على التخلي عن النمط الريعي في توزيع الثروات الوطنية والاستعاضة عنه بنمط انتاجي يحقق العدالة الاجتماعية والتي تعني بالضرورة منه ثنائية نهب المال العام وإعادة تدوير الثروة بين اعضاء طبقة النخبة؟
لا يبدو أن هذا سيحدث، وستكون الخطة الاقتصادية الجديدة في أغلب الأحوال مجرد لائحة من المشاريع المقترحة لإنفاق المال العام وأموال الدعم ولكن بدون منهجية جديدة في التفكير التنموي، وأتمنى أن أكون مخطئا.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.