صحيفة الكترونية اردنية شاملة

العراق بعيون اميركية ..

0

اليوم ادرك الاميركيون ان غزوهم للعراق كان كارثة ، وان ادارتهم للعراق في ظل الاحتلال كان كارثة ، وان انسحابهم بعد حل الجيش وتقويض الدولة ومؤسساتها كان كارثة ، وان انسحابهم بعد تخريب بلاد الرافدين ترك فراغا ملأته ايران ، بنظام وضع يدا في واشنطن والاخرى في طهران .

اعتقد ان ما فعله الاميركيون في العراق الذي اعتبره العرب في يوم مضى بروسيا العرب ، والعمق الاستراتيجي العربي ، لم يكن صدفة او غلطة او زلة قدم ، بل هو نتاج مخطط مدروس ارادت الادارة الاميركية السابقة تنفيذه لتدمير العراق ومستقبله ، واعادته الى مرحلة ما قبل قيام الدولة ، بسبب بذرة الصراع الطائفي والعرقي التي زرعها الاحتلال الاميركي ، خلال اقامته في العراق ، وعبر اعادة تشكيل هيكل الدولة على قاعدة طائفية وعرقية .

وقبل الانسحاب الاميركي من العراق وجلاء جيوش الاحتلال ، ادرك المراقبون ان الادارة الاميركية تركت العراق فوق برميل من البارود ، وان الوضع سينفجر في اية لحظة ، في غياب المصالحة الوطنية وغياب العدالة في توزيع السلطات والمناصب والمكاسب والغنائم ، وستكون الابواب مفتوحة امام التدخل الايراني ، لذلك هناك من طلب بقاء القوات الاميركية بعض الوقت ، الا ان الذين انفردوا في الحكم ، طلبوا تنفيذ الاتفاق باعتبار ان الاوضاع استقرت واصبح العراق ملكهم ، فمارسوا سياسة الاقصاء والعقاب الجماعي ، ليس على فئة طائفية بعينها بل شملت سياساتهم المستبدة كل المعارضة العراقية بكل اطيافها وطوائفها ، وان كانت المحافظات المحسوبة على السنة هي الاكثر بروزا في الساحة ، بسبب الحراك السياسي السلمي المتواصل .

واليوم ، وبعد انفجار الوضع الامني في وجه حكومة المالكي ، وسيطرة خليط من الفصائل المسلحة على محافظتي نينوى وصلاح الدين ، طلبت الحكومة العراقية سرا وعلنا تدخل واشنطن العسكري في العراق ، وان اقتصر الطلب في هذه المرحلة الاولية ، على توجيه ضربات جوية . الا ان الادارة الاميركية اليوم هي غير ما كانته بالامس ، لذلك رفضت الطلب واكتفت بالقول انها تتشاور وتتابع تطور الاوضاع في العراق ، ولكنها حسمت موقفها من مسألة ارسال قوات الى خارج اراضيها بالرفض.

واشنطن ردت على للمالكي بقولها :” كان زمان ..” وحملته مسؤولية ما يحدث الان في العراق ، باعتبار ان التطورات الدموية هي نتاج سياسته المنحازة وفشل حكومته في ادارة البلاد . لذلك بدأ ينظر نحو الشرق ، ويتطلع الى ايران على امل ان تمد له يد العون ، بالسر او العلن ، ولكن ايران اليوم غارقة في ادارة ازمتها مع الغرب بشأن ملفها النووي ، وان اي تدخل ايراني علني في العراق قد يؤثر سلبا على موقفها التفاوضي على الساحة الدولية ، وهذا يعني ان حكومة المالكي ستقلّع شوكها بيدها ، وتحصد نتاج ما زرعت من ضغينة وحقد وتمييز وفتنة طائفية .

واعتقد ان الحل لا يمكن ان تفرضه قوى خارجية ، وعلى العراقيين حل المشكلة بوسائل سلمية ، قد يكون رحيل حكومة المالكي اولها ثم التوصل الى حالة من التوافق بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية ، من اجل الفاظ على العراق الموحد ارضا وشعبا..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.