صحيفة الكترونية اردنية شاملة

بيع أراضي الدولة

0

الخلاف الذي نشب بين الحكومة ومجلس النواب في قانون الاستثمار حول بند عدم السماح لمجلس مفوضية المناطق التنموية ببيع أراضي الدولة، له منطق ويستحق النقاش، خصوصا بعد تصويت النواب على سحب هذه الصلاحيات وإعادتها إلى مجلس الوزراء.
في الحقيقة؛ إن الفكرة الأساسية للمناطق التنموية تأتي في أعقاب اعتراض عدد من المسؤولين في الحكومات السابقة على البيروقراطية في اتخاذ القرارات السريعة للمستثمرين من قبل المؤسسات الحكومية عامة ومجلس الوزراء خاصة، فخرج علينا أحد “متفهلوي” الاقتصاد الوطني بفكرة إصدار قانون يسمى قانون المناطق التنموية، بحيث يمنح صلاحيات مطلقة لمجلس مفوضي الهيئة ببيع أراضي الدولة للمستثمرين دون الرجوع إلى مجلس الوزراء.
وفعلاً بدأت المناطق التنموية تنتشر بالمملكة، في عمان وإربد وعجلون والمفرق ومعان والبحر الميت، وبدأت عمليات بيع الأراضي تنشط، لكن الإنجاز كان متباينا من مكان لآخر، وفي المحصلة الإضافة التي قدمتها المناطق التنموية للاقتصاد تمثلت في تحولها من مفهوم مطور استثماري إلى مكتب بيع أراضي، وقامت إحدى الحكومات بتعديل قانون الهيئة بجعل صلاحيات البيع لديها لا تتجاوز الـ100 دونم فقط، وفوق ذلك يجب أن يحصل على موافقة مجلس الوزراء.
في الواقع؛ إن التجربة الحقيقية للمناطق التنموية تؤكد على خلق مفهوم مزدوج لبيئة الاستثمار في المملكة، فمناطق تمنح الأعفاء الضريبي ليصل 5 بالمائة، ومنطقة لا تبعد عنها سوى أمتار قليلة تدفع 14 بالمائة، فهذا الأمر لا يحدث إلا في الأردن.
فضلا على أن غياب المستثمرين وتحول مجالس المفوضين في المناطق التنموية إلى سماسرة أراضي، جعل المزاجية في اتخاذ قرار البيع إلى جهة ما دون أخرى، كما أن عدم رؤية المواطن لأعمال استثمارية حقيقية على أرض الواقع، جعل هناك ريبة وشك في نفوس المراقبين من جدوى قرارات بيع الأراضي.
ويجب أن لا ننسى أن هناك عدم ثقة بالأساس بين الحكومة، خصوصا الحالية، ومجلس مفوضي المناطق التنموية، فالكل يعلم قصة الدكتور عبد الله النسور وطلبه الرسمي من رئيس المناطق التنموية قبل أشهر، بيع أراض على شاطئ البحر الميت لأحد النواب بسعر 75 دينارا للمتر، علما أن سعر الأرض يتجاوز الـ280 دينارا للمتر.
وأراد الرئيس أن يتنصل من الأمر، عبر توجيه هيئة المناطق التنموية إلى بيعها للأراضي للنائب بسعر بخس، لكن الهيئة رفضت وأبلغت الرئيس أنها لا تستطيع البيع بهذا السعر دون الرجوع الى قرارات اللجنة المختصة بتقدير أسعار الأراضي التي تحدد سعر البيع لا دولة الرئيس، وهو الأمر الذي أدى إلى استقالة رئيس الهيئة في حينها مها الخطيب، وتحويل القضية بعد ذلك للتحقيق في مجلس النواب.
لا يمكن أن تتطور بيئة الاستثمار في المملكة بظل قانون يؤدي إلى تمايز مناطقي في الإعفاءات، والمناطق التنموية إحدى أبرز التشوهات في قانون الاستثمار، ومن الأجدى أن تقوم الحكومة بالتعاون مع الجهات المعنية وبيوت الخبرة بدراسة تقييمية لموضوع المناطق التنموية قبل إقرار مشروع قانون الاستثمار، فإن كانت النتائج إيجابية، فليكن كل الأردن منطقة تنموية، وإذا كانت غير ذلك فمن الأفضل أن تلغى الفكرة من أساسها.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.