صحيفة الكترونية اردنية شاملة

عن العراق مرة اخرى..

0

ما حدث في العراق ما زال يتصدر نشرات الاخبار ، كما يحظى باولوية الاهتمام العربي والاقليمي والدولي ، لأن ما حدث اعاد خلط الاوراق مرة اخرى ، كما ان تداعياته ستؤثر في اجواء المنطقة ، التي تنبعث منها رائحة البارود ، وقد يخلق الصراع الجديد تحالفات ومحاور جديدة تعيدنا الى ما فات من توتر عام واشتباك دموي.
الاخطر في المعادلة اننا نرى ونسمع من يدعو الى تحويل الصراع السياسي المناطقي والاحتجاج المطلبي الذي تطور الى انتفاضة مسلحة ، الى اقتتال طائفي عام . ويقود هذه الحملة عدد من المتسلحين بالعقيدة الدينية من الذين انتصروا للحكومة ، رغم الخلافات السياسية السائدة ، والحراك الشعبي والغضب الجماهيري متعدد الطوائف والاطياف ضد سلوك حكومة المالكي المتسلطة في غياب العدالة والمساواة منذ مدة طويلة مضت .
الحراك ضد الحكومة العراقية بدأ في المحافظات المحرومة والمظلومة التي تنادي بالعدالة، ولا اعتقد ان الانتفاضة كانت دينية او مذهبية او متطرفة. ولكن هناك المستفيد من المنصب العام ويسعى الى الانفراد بالسلطة ، فالشهوة الى السلطة لا تتوقف الا بالموت ،حسب ما قاله الفيلسوف هوبز ، فالباحث عن السلطة يريد دورا اكبر وسلطة اكثر ، وهذه هي مشكلة الرئيس نوري المالكي ، الذي يشكل استمراره في السلطة التنفيذية محور الصراع السياسي في العراق واساس الازمة المزمنة .
ورغم التطورات المتسارعة فما زال بامكان القوى السياسية العراقية تدارك الموقف ، وتطويق الفتنة الطائفية واعادة الصراع الى مساره السياسي ، فهناك وسائل متطورة ومتقدمة وحضارية اكثر من الاشتباك المسلح ، واعني الوسائل السلمية والحوار للتوصل الى وقف شلال الدم اولا ، ثم التوصل الى حالة من التوافق والتفاهم والمشاركة لحل الازمة .
نقول ذلك لان التصعيد العسكري والتحريض الطائفي لن يخدم العراق البلد ولا يصب في مصلحة الشعب الواحد ، بل سيقود الى حرب اهلية طائفية تمزق البلاد والشعب ، وتفتح المجال للتدخل الاجنبي ، واشراك الدول المجاورة في شؤون العراق الداخلية ، وهو ما يزيد الامور تعقيدا.
واللافت ان الحكومة تبحث عن سند خارجي ، او من الجيران ، ولكن قد يتردد البعض ويفضل عدم التورط في اشعال حرب اهلية تقذف بنيرانها الى الدول المجاورة ، خصوصا بعد الموقف الاميركي الواضح الذي التزم بعدم التدخل العسكري ، وتحميل حكومة المالكي المسؤولية ، باعتبارها لا تمثل كل اطياف الشعب العراقي ، حسب التصريحات الرسمية الاميركية.
في النهاية نقول ان ما يجري فوق ارض العراق خطير جدا ، ويجب تطويقه عراقيا وعربيا قبل استفحال الازمة ، وقبل فوات الاوان كما حدث في عقود سابقة ، حيث تم السكوت على تدمير العراق وتخريب المجتمع ، وهي الجريمة الدولية التي ما زال الشعب العراقي يدفع ثمن نتائجها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.