صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لا تأثير للأزمة العراقية في إمدادات النفط العالمية

0

استبعد خبراء في قطاع النفط أن تؤثر الأزمة الحالية في العراق على الإمدادات للأسواق العالمية في ظل وجود دول في منظمة أوبك وعلى رأسها السعودية التي لديها القدرة على سد أي نقص في الإمدادات الناجمة عن تلك الأزمة، إلا أن أحد الخبراء أشار إلى أن دولاً مثل إيران ستستفيد من الاضطرابات التي يشهدها العراق لتمرير نفطها في الأسواق السوداء ومحاولة استعادة أسواقها التي تتهم العراق بأنها سلبتها منها أثناء المقاطعة الغريبة لنفطها. واتفق الخبراء على أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً أمر متوقع في مثل هذه الظروف، حيث يزدهر نشاط المضاربين والسعي لجني الأرباح، فضلاً عن دخول فصل الصيف والذي يزداد معه الطلب على النفط بشكل كبير، كما أن المناطق الشمالية من العراق والمتضررة من الأزمة تنتج فقط 500 ألف برميل يومياً، في حين أن جنوبه ينتج قرابة 2.5 مليون برميل.

وهنا أوضح لـ”الاقتصادية” الدكتور راشد أبانمي، رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية، أن السعودية تمثل سداً منيعاً لأي تصاعد في أسعار النفط بسبب أي من الأزمات المتصاعدة حول منابع النفط، لاسيما أنها قادرة على سد أي نقص في الصادرات النفطية العراقية، لمكانتها النفطية، حيث بلغت الطاقة الإنتاجية القصوى الثابتة 12.5 مليون برميل يومياً، في حين بلغت احتياطيات الزيت الخام 260.2 بليون برميل.

وأضاف أبانمي، أن هذه الطاقة الإنتاجية الكبيرة بشكل عام تؤهل السعودية لطاقة فائضة من الإنتاج (ثلاثة ملايين برميل يومياً) يمكن أن تلجأ لها لتهدئة الأسعار واستقرارها خصوصاً في ظل الأحداث والظروف الإقليمية المختلفة والسعودية مؤهلة للقيام بدور مهم في تأمين النفط لسوق الطاقة العالمي.

ولفت إلى أن دولاً مثل إيران ستستفيد من الاضطرابات التي يشهدها العراق لتمرير نفطها في الأسواق السوداء ومحاولة استعادة أسواقها التي تتهم العراق بأنها سلبتها منها أثناء المقاطعة الغريبة لنفطها، مرجحاً أن تشهد الأسواق مضاربة على المدى القصير ولكنها ستهدأ بعد فترة وجيزة لأسباب عديدة، منها أن النقص في الصادرات العراقية لن يهبط أكثر مليون برميل نفط يومياً، فمناطق النفط المنتجة في الشمال (كردستان) وفي الجنوب العراقي لم يتأثر بالأحداث للآن، كما أن السعودية والدول الأعضاء ستعوض أي نقص في النفط.

وقال أبانمي: إن هناك مليوني برميل من النفط المهرب من إيران عن طريق دول الجوار ومعروض في الأسواق العالمية، كما أنه من مصلحة طهران أن تنخفض الصادرات العراقية من النفط لخلق نقص في السوق العالمية، ربما يؤدي ذلك إلى ضغط على الدول الأعضاء لتحل إيران محل العراق، كما أن الدول الأوروبية وأمريكا قد سنّت قوانين صارمة تحد من التدخلات السلبية للمضاربين في أسواق النفط منذ تداعيات الأزمة المالية عام 2008.

وأضاف أن بعض التقارير أكدت أن إنتاج أمريكا وكندا والدول الأخرى غير الأعضاء في منظمة “أوبك”، سيضيف 1.44 مليون برميل يومياً إلى أسواق النفط العالمية هذا العام، بزيادة 60 ألف برميل يومياً عن التوقع السابق، إضافة إلى تعهدات “أوبك” بأن تكون أسواق النفط متوازنة في النصف الثاني من العام الحالي، وأن زيادة الإنتاج الحالية ستكفي لتلبية الطلب المتنامي، مما يشير إلى استقرار أسعار الخام بالرغم من المخاوف بشأن الإمدادات المتوقفة. ووفقاً لـلخبير النفطي السعودي فإن مخزونات النفط العالمية حتى الآن مريحة، فيما بلغت المخزونات الأمريكية مستويات مرتفعة تكفي لتغطية استهلاك شهرين تقريباً، مشيراً إلى أن دول أوبك اتفقت على إبقاء هدف إنتاجها النفطي عند 30 مليون برميل يومياً للنصف الثاني من العام الحالي، في الوقت الذي تبدي فيه المنظمة ارتياحاً إزاء أسعار النفط التي تتجاوز 100 دولار للبرميل، ويضخ أعضاؤها كميات كافية لتمويل الإنفاق.

وتابع أن إجمالي إنتاج نفط “أوبك” زاد نحو 142 ألف برميل يومياً ليصل إلى 29.76 مليون برميل في الشهر الماضي أيار (مايو) بفعل زيادة إنتاج أنجولا والعراق والسعودية، وقد أكدت أوبك، في تقريرها الشهري الأخير بأن الزيادة الحالية في المعروض تكفي لتلبية نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من 2014، وهو ما يؤدي إلى سوق متوازنة على نحو جيد. من جانبه، قال حجاج بو خضور المحلل النفطي الكويتي خلال حديثه لـ”الاقتصادية” أمس: إن أداء أسواق النفط محكوم بعوامل عدة منها عوامل جيوسياسية وهي تلك التي نشهد مظاهرها وتأثيرها نتيجة الأزمة في العراق التى تعد أكبر ثاني منتج للنفط في منظمة أوبك، بعد السعودية، مضيفاً أن قدرات بغداد من إنتاج النفط تقارب 3.5 ملايين برميل يومياً، لكنها تنتج 2.5 مليون برميل يومياً، وذلك في أحسن الظروف. وأشار بو خضور، إلى أنه مع تصاعد الأحداث في العراق، فإن ذلك سيحد بالتأكيد من صادرتها للأسواق العالمية، إلا أن تراجع هذه الصادرات يفترض على أرض الواقع ألا يؤثر في الأسعار لأن هناك فائضاً إنتاجياً لدول أوبك عن حاجة السوق العالمية، كما أن هناك أيضاً قدرات إنتاجية لبعض الدول على رأسها السعودية لسد أي نقص مهما بلغ نقص الإمدادات من أي دولة منتجة للنفط، حتى وإن كانت هذه الدولة العراق فإن السعودية قادرة على سد النقص. وأوضح بو خضور، أن السعودية كانت وما زالت تقوم بهذا الدور في سد أي نقص في الإمدادات، لافتاً إلى أن صعود أسعار النفط في الأسواق حالياً نتيجة أحداث العراق أمر غير مبرر، إلا أن هناك أطرافاً تستغل مثل هذه الأزمات السياسية والأمنية “ومن بينها المضاربون” تقف وراء إرتفاع أسعار النفط، إضافة إلى عامل آخر يتمثل في أن الأسواق العالمية مقبلة على فصل الصيف الذي يبدأ مطلع تموز (يوليو) ويستمر حتى أيلول (سبتمبر)، حيث يزداد الطلب فيه على المنتجات النفطية، بالتالي ما يجري الآن في الأسواق العالمية من شراء كميات كبيرة من النفط استعداداً لفصل الصيف وليس لسد نقص في الإمدادات.

وقال بو خضور: إن مؤشرات المخزونات الأمريكية ساعدت على ارتفاع أسعار النفط، لذا فإن الارتفاعات الحالية لا ترتبط مبرراتها على أرض الواقع بما يجري في العراق، في ظل تطمينات من الدول الأخرى المنتجة للنفط بسد أي نقص في الامدادات، كما أن العراق لم يوقف حتى الآن صادراته فهي ما زالت مستمرة عبر الأنابيب إلى تركيا وبواسطة ناقلات النفط في جنوب العراق وهي منطقة لا تشهد أي أحداث عسكرية وأمنية.

ويعتقد بو خضور، أن السعودية محل مصداقية لدى السوق العالمية التي تراقب خطط وإجراءات تطوير الصناعة النفطية بالسعودية، والاعتماد على سجلها وقدرتها لسد أي نقص، لذا فليس هناك مبررا لارتفاع أسعار النفط حاليا.

وأشار إلى أنه منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية العام فإنه يتوقع أن تصل أعلى نقطة لأسعار النفط ما بين 8-10 في المائة، مما يعني أن هذه الأسعار ستصل لسقف 120 دولاراً للبرميل، ولكن سرعان ما ستعود للانخفاض بعد انحسار نشاط المضاربين، والتوجه لجني الأرباح، لذا نتوقع أن ترتفع الأسعار بعض الشيء بسبب المضاربين وجني الأرباح، ما لم يكن هناك كارثة أو أحداث عسكرية أو أمنية كبيرة، ولكن أسعار النفط ـ حسب خضور ـ لن تزيد عن 120 دولاراً للبرميل.

من جانبه، اعتبر سداد الحسيني، خبير اقتصاديات النفط والغاز، أن أزمة العراق ليس لها تأثير واضح فيما يخص الإنتاج العالمي، وأن إنتاج النفط يتمركز في منطقة الأكراد وبالتالي لا يتأثر بالأزمة الحالية، إلا في حال امتدت الأزمة إلى منطقة كركوك التي تصدر حوالي 500 الف برميل يومياً، أما بالنسبة لجنوب العراق فإنها لم تتأثر بعد بالأزمة.

وأوضح أن إنتاج منطقة شمال العراق المتضررة حالياً من الأزمة إلى جانب إنتاج منطقة الأكراد لا يزيد إنتاجهما عن 500 ألف برميل، بينما جنوب العراق يمكن أن يصدر 2.5 مليون برميل، لذا فإن الكمية التي ستتأثر بالأزمة في حدود 500 ألف برميل، لكن المشكلة الحقيقة هي أن تمتد الأزمة لتشمل جنوب العراق والمناطق المجاورة لإيران وستكون ردة الفعل أوسع وسينعكس ذلك بشكل كبير على الإمدادات والأسعار في الأسواق العالمية.

وأشار الحسيني إلى أن أي أزمة في منطقة لإنتاج النفط من شأنها أن تؤثر في الأسعار، خاصة أنه من الصعب وضع توقعات وتصورات حول ما يمكن أن تصير عليها هذه الأحداث والأزمات سواء كانت سياسية أو عسكرية، لكن الأسعار من المفترض أن يكون نسبياً وغير مبالغ فيه.

ويري الحسيني أن الطلب على النفط في فصل الصيف في مثل هذه الظروف غير الواضحة سيزداد، خاصة إذا تدخلت إيران في الأزمة وأصبحت هناك ردود فعل على مستوى عالمي أوسع، وقتها فإن دول بحاجة للنفط ستوفر إمداداتها بشكل سريع، لذا فإن عقود النفط ستخضع لمنافسة حقيقية من شأنها رفع الأسعار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.