صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سيناريو اقتصادي مقلق

0

القرارت المالية التي اتخذتها حكومة الدكتور عبد الله النسور خلال الاشهر الماضية والتي انصبت على الاعتداء المباشر على ارباح القطاعات الناجحة في الوقت الذي تم فيه اغفال تنشيط وتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة، ستظهر اثارها خلال عام او عامين على الاكثر.
تداعيات تلك القرارت على المدى القصير تنحصر في توفير ايرادات سريعة للخزينة جراء الاقتطاعات التي تم تحصيلها من تلك القرارات، والتي شملت فرض رسوم وضرائب جديدة على قطاع الاتصالات والالبسة والحديد والجمارك ورسوم الميناء وغيرها من عشرات القطاعات التي رأت الحكومة فيها منفذا لتوفير اموال جديدة لتمويل نفقاتها المتزايدة.
على المدى البعيد، فإن المشهد الاقتصادي يبعث على القلق لعدة اسباب، اهمها أن كل اجراءات الحكومة تركزت على القطاعات الناجحة التي تشكل لوحدها اكثر من 70 في المئة من مجمل ضريبة الدخل، وبالتالي فإن تراجع ارباح هذه الشركات كما تظهر بيانات الربع الاول لعدد منها يشكل ضربة لايرادات الدخل.
الحكومة تستفيد كثيرا من المنح الخارجية التي تتلقاها تحت مظلة معالجة تداعيات الازمة السورية، والارقام غير معلنة، لكنها، حسب مصادر مطلع، ارقام كبيرة تزيد كثيرا عن حجم المساعدات التي تتلقاها الخزينة المركزية، لكن الامر لا يتسم بالثبات كما يثبت التاريخ ذلك، فالمساعدات سرعان ما تنخفض وتتراجع وتبدأ العوامل السياسية تحدد اتجاهاتها، وهو ما سيجعل الحكومة في ورطة حينها، لاعتمادها في تصوراتها الانفاقية على مستوى مرتفع من المساعدات، فإذا قلّت المساعدات فان هذا لا يعني ان نفقات الحكومة ستقل هي الاخرى، حينها ستلجأ الحكومة للاقتراض لتمويل نفقاتها كما حصل بعد انتهاء العمل ببرنامج التحول الذي مولته المساعدات بنحو 356 مليون دينار، ثم دخلت مشاريع الموازنة في ظل تراجع الايرادات، ما دفع الحكومات للاقتراض الداخلي السريع لتمويل النفقات التشغيلية لمشاريع برنامج التحول.
لكن الامر هذه المرة اكثر خطورة من وقت برنامج التحول، فاليوم المديونية تناهز الـ25 مليار دولار، والعجز يزيد عن 3 مليارات دولار قبل المساعدات، وهذه مؤشرات مقلقة اقتصاديا، والحكومة للاسف في غفلة تامة عن مشاهدة ارقام المديونية المرعبة، وهي في حالة هلع مستمر نحو عمليات الاقتراض الخارجي المدفوع بعوامل سياسية دولية مرتبط بالاساس بالازمة السورية، فلا يعني فتح حنفية الاقتراض الخارجي للاردن أن هذا الامر ايجابي، فهو في المحصلة دين ستدفع الخزينة اقساطه وفوائده عاجلا ام اجلا، فكيف هو الحال اذا ما علمنا ان الحكومة ستدفع هذا العام على سبيل المثال لا الحصر 1.1 مليار دينار خدمة دين، واذا ما علمنا ايضا ان الحكومة في هذا العام تخطط لاقتراض ما يزيد عن المليار دينار تستحق فوائده واقساطه بداية العام المقبل، ولا ننسى ان هناك قرضا جديدا سيدفع سيحصل الاردن عليه خلال اسابيع قليلة بقيمة مليار دولار هو اليوروبند الجديد المكفول امريكيا.
في المحصلة وفي ظل نمو اقتصادي يتراوح بين 3-3.5 بامائة على افضل تقدير، وفي ظل تراجع ايرادات الدولة من ضريبة الدخل بسبب تراجع ارابح الشركات الرئيسية باستثناء البنوك، وفي حال تراجع مستوى المساعدات وهو أمر محتمل، فإن الخزينة لن تتمكن بعد فترة على دفع مستلزمات الدين وخدمته، وسيكون وضع الخزينة خاصة، والاقتصاد الوطني عموما، في غاية من الصعوبة خاصة اذا لم تستطع الحكومة عمل شيء فيما يتعلق بتحفيز الاقتصاد وزيادة الدخل الوطني كما هو حاصل الآن.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.