صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ليست مهمة الوزير وحيداً!

0

ليست وحدها المدارس الخاصة التي تناطح الجهات الرسمية،وتريد ان تقلي الطلبة في مقلاة الرسوم،إذ أن دويلة المدارس الخاصة واحدة،من دويلات اخرى، تمر بالجامعات الخاصة والمستشفيات،وقطاعات اخرى كثيرة في الاردن.
لارقابة على احد، وسمات القطاع الخاص المفترضة تم توظيفها في الاردن بشكل مختلف،اذ بدلا من تعظيم التنافسية،استفرد أغلب هؤلاء بالناس، والمدارس الخاصة التي لايردعها احد، ترفع الرسوم وأجور النقل،فيما تمنح كادرها التعليمي،فتات المال، فيوقع المعلم أو المعلمة على عقد برقم مالي،ولا يقبض إلا نصفه،أو أقل من قيمته بقليل.
هو ذات الشعور الممتد عند الجميع، أي ان الدولة غائبة، وبامكانك ان تفعل ماتريد، ومركز القرار عليه ان لايفكر فقط في مظهر حضور الدولة،اي الهيبة،بل بأدوات هذه الهيبة،اي القانون والرقابة،ونفاذ القانون على الجميع،وغياب التدخلات والواسطة،وعدم السماح بنشوء جزر مستقلة في بلد يعاني من مشاكل كثيرة.
في حالات نتفهم معاناة القطاع الخاص،لان الغلاء يحرق الجميع،وكلف الكهرباء والرواتب والوقود وغير ذلك تتعاظم،مما يمنح مؤسسات كثيرة في القطاع الخاص السبب لرفع اسعار الخدمات المقدمة،للمحافظة على مستوى الارباح،وهنا لابد من الاعتراف ان مئات المؤسسات يتم اغلاقها سنويا،من جانب اصحابها جراء العجز المالي،وعدم القدرة على الاستمرار،وهذا يعني ان السياسات الاقتصادية التي تهدف لتحصيل الاموال لصالح الخزينة تسببت فعليا،في اغلاق مؤسسات اخرى،وتشريد عاملين،وكأن القطاع العام هنا يعتاش على ماتبقى من القطاع الخاص.
غير ان علينا ان نعترف ان مئات الروابط والعلاقات قد نشأت بين قطاعات خاصة،ونافذين رسميين،مما يوفر الحماية لهم،عند محطات معينة،وهذا يفسر سكوت الرسميين في مرات على قطاع محدد يتفلت برفع الاسعار،فالعلاقات الشخصية والمساهمات المالية، والتطلع لمستقبل مابعد الوظيفة الرسمية يجعل بعض المسؤولين يتعامى عن ممارسات بعض المؤسسات الخاصة،ليحجز مكانه ويثبت مصالحه الشخصية في هذا القطاع.
قيل مرارا ان الدولة ترفع سعر سلعة ما،او سعر الكهرباء او الوقود،بنسبة معينة،فيما تقوم المؤسسات الخاصة من المدرسة الى الجامعة مرورا بصاحب الدكان،باسترداد هذه النسبة وفقا لاجتهاده،وهكذا فأن مع كل موجة غلاء تتسبب بها السياسات الاقتصادية،تأتينا اثرها موجة راجعة،بأضعاف ماتسببت به السياسات الاقتصادية،والنتيجة كساد شديد،وفتور اقتصادي،وتحول البلد الى بلد يصعب العيش فيه،فوق الآثار الاجتماعية السيئة.
لا احد حتى الآن يقف عند الآثار الاجتماعية لكل هذا الاستفراد بالناس،من جانب السياسات الاقتصادية،والرد على هذه السياسات من جانب المؤسسات الخاصة، والذي يقرأ الاخبار يعرف ان منسوب العصبية ارتفع الى حد كبير،قتل وجرائم ومشادات وسلاح وفساد اخلاقي ومواجهات.
باتت سيرتنا على كل لسان، بل بتنا نتفنن في رسم رد الفعل،من الذي يتعرى في جامعة،وصولا الى الذي يحرق نفسه،

مرورا بالذي يغلق الطريق العام بباص الكوستر،ومن ُينفذ القانون هلكان ومتعب أكثر من الذي يخالفه،وفي سره يعرف ان من يفعل كل هذا لايلام في مرات، وقد يعبر عنه شخصيا.
لدينا دويلات داخل الدولة، وللدويلات امتداد سياسي واقتصادي واعلامي،وتفكيك هذه الدويلات امر ليس سهلا،لان جذورها باتت ممتدة وعميقة،ولها من يبكي عليها،والاصل هنا ان تعالج كل الاختلالات،بطريقة لاتؤدي ايضا الى تحول القطاع الخاص الى اضحية العيد الواجب ذبحها وتقطيع اوصالها،ترضية للجمهور،وفي ذات الوقت،لايحق لها ان تتحول الى سكين في الظهر فوق مافي الظهر من جروح وتقرحات.
الكل يتشاطر على الكل،ولاأحد يرحم الآخر،وكأننا في معركة ننهش ماتبقى من وجودنا،تحت عناوين مختلفة،وردع المدارس الخاصة ليست مهمة الوزير فقط،بقدر كونها مهمة القرار في الاردن،عبر العودة بالدولة الى دورها الوظيفي الاساس،اي الفصل بين مكونات الجمهور،والعودة الى التدخل ضمن معيار معين،بدلا من انفلات الجميع، قليا وسلقا وتقطيعا للمواطن….او ماتبقى من المواطن بشكل ادق.
ليست مهمة الوزير،بل مهمة الدولة تجاه كل قطاعاتها.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.