صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حزيران .. ومن يتذكره!!

0

كبار السن وحدهم يتذكرون تفاصيل احداث الخامس من حزيران عام 1967 ، ويتذكرون مرارة الهزيمة التي اسميناها نكسة ، ولكنهم في الوقت ذاته يتذكرون ان تلك الهزيمة ، مهما بلغ حجمها لم تنجح في كسر الروح العربية المقاومة ، وهو ما اجبر غولدا مائير على الاعتراف في مذكراتها انها ظلت حزينة رغم الانتصار العسكري الاسرائيلي ، لان الحكومة الاسرائيلية لم تستطع ان تفرض على العرب الحل الذي تريد .

وتضيف مائير : بعد الحرب لم يتحسن الموقف فقد كانت هناك حرب من نوع آخر على قناة السويس، يمطر فيها المصريون ضفة القناة بالقنابل بعدما عوضتهم موسكو عن كل ما فقدوه بالحرب. وكان عبد الناصر يزأر” سنضرب عندما يحين الوقت”. ويكرر ما اسماه اسس السياسة المصرية ، وهي لا اعتراف باسرائيل ولا تفاوض ولا سلام معها، وفي ربيع 1969بدأ عبد الناصر حرب الاستنزاف .

في ذلك الوقت لم تستطع اسرائيل تحقيق السلام حسب شروطها رغم انتصارها العسكري واحتلالها الاراضي العربية على كل الجبهات في سيناء والضفة والجولان. ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم لم تعترف اسرائيل انها قوة احتلال ، وما زال فيها من يردد بان حرب حزيران هي ” حرب التحرير” ويهتف : ” كل الارض لنا ” .

والحقيقة ان الحرب لم تتوقف بعد ، فالحرب تلد حربا ، وهذا ما حدث في تشرين اول عام 1973 ، ولكن هذه الحرب ، التي استخدمت فيها الجيوش العربية عنصر المفاجأة ، قادت اسرائيل الى هزيمة عسكرية رغم نتائجها التي حملت من الاسرار ما لم يكشف عنها حتى الان ، والتي اختطفتها الولايات المتحدة من اجل تحقيق اتفاق كامب ديفيد الذي شكل انعطافا كبيرا في الصراع العربي الاسرائيلي بعد خروج مصر وتحييدها ، او اخراجها من الساحة ، الذي شكل ضربة قاسية للتنسيق العربي والعمل المشترك.

والحقيقة الثانية ان الحرب لم تتوقف ، والصراع العربي الاسرائيلي مستمر، على الرغم من توقيع معاهدات السلام مع اسرائيل في كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة. والسبب ان المجتمع الاسرائيلي بمجمله تحرك نحو اليمين ودعم شروط حكومة اليمين المتطرف ، التي تعتقد ان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة يهدد وجود اسرائيل ، وهو الواقع الذي ادخل القيادة الاسرائيلية في لعبة القفز على حبال الواقع والسلاح والتوراة والخرافة ، وهي اللعبة التي يتقنها نتنياهو دون ان يدرك ان المنطقة لا تتسع للحرب والسلام في وقت واحد .

ومن اجل عرقلة العملية السلمية التي ترعاها الادارة الاميركية ، وافشال حل الدولتين ، وانهاء المفاوضات ، تمسكت اسرائيل بشرط الاعتراف الفلسطيني بيهودية دولة اسرائيل ، ورفض عودة اللاجئين . وهذا يعني انتزاع اعتراف فلسطيني بالدولة اليهودية العنصرية التي ارتكبت من الجرائم والممارسات الوحشية بحق الشعب الفلسطيني ما افقدها كل القيم الانسانية ، وهي بالتالي تريد من الفلسطينيين القبول باستمرار الاستيطان في الاراضي المحتلة.

واذا ظلت اسرائيل سائرة في هذا النهج ستظل الحرب تلد اخرى ، ويتواصل الصراع العربي الاسرائيلي . وهذا ما يؤكد ان حرب حزيران ما انتهت ولا توقفت ، لأن اسرائيل لن تحقق امنها واستقرارها دون تحقيق السلام العادل الدائم ، القائم على الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.