صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘بن علي هرب’

0

خاص بالمقر
في اللحظة التي حضرت فيها ارادة الشعب، غاب الحاكم وتلاشى ظله الطاغي على ما سواه، “فهو الدولة والدولة هو”، في تلك اللحظة انزوى القهر المسكون في اعماق النفوس، واختفت الاشباح الساهرة في عتمة الرعب والتخلف والمهيمنة تحت سطوة الاستبداد والاستفراد، معاني مبشرة بغد مشرق ومستقبل افضل تجسدت بالعبارة التي اطلقها دوي الانتصار في بواكير الثورة التونسية، “بن علي هرب” .
العنوان الذي عبر عن لحظة فارقة من تاريخ الامة، لم يكن حلم التونسيين فقط وانما طموح الشعب العربي الذي عاش ماساة الفساد المستطير، اللحظة التي هرمنا بانتظارها، ومن اجلها كانت التضحيات، لحظة الحرية… وبابها المضرج بالدماء الزكية، فما احلى نسائمها وما اروع اريجها وازكى نفحاتها، وما قيمة الحياة بدونها؟
في سياق التزاحم والتدافع المكثف للاحلام والطموحات والتقدم نحو سيادة الشعوب وحضور ارادتها، وبين المراهنة على فشل الربيع العربي وتحقق الانتكاسات الدونية التي من شانها ان تحاصر المستقبل وتعيق التقدم.
صناعة الواقع او التحكم بصياغة الغد القريب او المستقبل البعيد عملية معقدة، اتقنتها القوى المتنفذة والمتصارعة على المصائر والمصالح في عالم ليس فيه مكان للمبادىء ومحكوم بمنطق القوة الفائضة او الباطشة ومتمسكة بنظرية الامير ميكافيلي وبراغماتية “الغاية التي تبرر الوسيلة”، دول عظمى متحللة من القيم وتستبيح اقذر الوسائل للوصول الى اسوء انواع الرق والاستعباد، والطواف حول صنم السلطة والمصلحة والحكم.
فشلت كل المؤامرات لاحباط الربيع وتكسرت على صخرة ارادة الشعوب جميع موجات الكيد، وتشكلت الحسرة في نفوس الذين انفقوا الاموال بغير حساب.
في مصر حيث نجح الانقلاب بعزل الرئيس “مرسي” وما يمثل من شرعية شعبية تمثلت بستة جولات انتخابية، فازت المقاطعة وفشل العسكر في الانتخابات الرئاسية، وبصورة اوضح اثبتت الشهور الماضية صلابة الارادة الشعبية وانها تجاوزت معادلة الرعب وكسرت حواجز الخوف.
على مستوى “الاسلام السياسي” الذي كشف عن نسخة نضالية متطورة من “الاخوان المسلمين” ملتحمة مع القوى الثورة والنضالية، وانهيار وتعرية لبعض القوى السلفية الانتهازية ” حزب النور” مثالاً.
فشل الانتخابات الرئاسية يتفوق في الحسابات والمعادلات على فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في تركيا، وفي سوريا الجريحة معادلة اخرى تقرأ من البعض بأمَية سياسية وجهل مبني على الاماني والتمنيات، فعلى الرغم من الدمار والخراب والقتل والتشريد، الا ان الصرار على التغيير هو الحقيقة الكبرى الثابتة في ثنايا المأساة.
دون التفصيل او الخوض في الجزئيات التي يكمن فيها الشيطان وبصمة “الموساد الاسرائيلي”، فشلت الثورة المضادة في ليبيا ومؤامرة الثلاثي “حفتر ودحلان والامارات”، وفي تونس وغزة والمغرب واندونيسيا واليمن وتركيا والاردن ، ينضج تيار “الاسلام السياسي” ويكتسب المزيد من المهارات والخبرات، ويتقدم بخطى ثابتة نحو الشراكة الواسعة مع التيارات الوطنية النظيفة، بعيدا عن الانتهازيين والمتسلقين.
هذه لوحة المستقبل وتلك عناوينها فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والكيَس من اتعظ بغيره واما الشقي فهو من يَقدُم قومة الى موارد الهلاك وبئس الورد المورود.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.