صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الكتابة.. غياب من أجل الحضور

0

كما يقال في المأثور العربي (من لم يكتب.. فكلتا يديه شمال)..

ليس من هنا فقط تأتي حجة للكتابة، فهي فعل تاريخي مستمر، بل تأتي قيمتها الحقيقية من المعنى الذي تؤسس له أو الدور الذي تؤديه في محيط الفكر والثقافة والوعي، لكن الانتقال المعاصر للكتابة من الوظيفية إلى الترفيَّه، جعلها حالة ملتبسة بالثرثرة، بعد أن كثرت الأقلام وصارت الكتابة بالقلم لا تساوي شيئا أمام الكتابة بالدم.

سنبقى نبحث عن فعل التحدي في كل كتاباتنا..

عن الحياة والموت، عن الكرامة والحقوق، عن الإصلاح في الأردن، عن الفساد مثلاً، أو عن دم الشام، أو عن حرائق فلسطين وليبيا والعراق.

ومع هذا، يبقى للكتابة فعلها التاريخي، بالرغم من الحالة الملتبسة بين الكلمة والواقع، بحسب المكسيكي (اكتافيو باث) الذي عبر عن الالتباس الواقع بين ( الواقع والكلمة ) وما بينهما من خصومة، قائلاً.. ( الواقع المعاصر واقع تدميري، يتوجس من الكلمة )، تلك هي العلة، أما الجريمة برأيه أيضاً، فهي أن ( المعنى الحقيقي لمجتمع اليوم هو أنه مجتمع بلا معنى )، ما قيمة الإنسان إذن في مجتمع يكرس اللصوصية والفساد والموت والجوع وامتهان كرامة الإنسان، على أيدي السلطويين، وتجاز الجوع والموت والحقوق المقنعين بالدبلوماسية والسياسة..؟.

يتساءل أديب روسيا الكبير، دستويفسكي ( فلست أفهم حقيقة كيف يكون أكثر مجدا قذف مدينة محاصرة بالصواريخ من قتل إنسان بضربات فأس).. وليته أوضح قليلاً كيف يكون أكثر مجداً قتل الشعوب بالحرب، من قتلها باسم الحب، كأن يقول بشار الأسد مثلاً: أنا أحبكم، لذا أقتلكم، وكأن يقول – أحدهم – أنا أحبكم، لذا عليكم بالصبر والرضا بما أفعل من أجلكم، ومن أجل الأمن والأمان، ومن أجل الوطن والمستقبل والإنسان.

هل علينا أنن أن نكتب أكثر..؟

وليكن، أن نكتب، يعني ذلك أن نلقي حجراً في الماء الراكد، فمن عليه أن يتابع الدوائر..؟، علينا أن نستمر في الغياب إذن، من أجل حضور أقوى، كما يدَّعي كلود روي باعتبار الكتابة، عملية غياب من أجل حضور أقوى.

كاتب أردني مقيم في البحرين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.