صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أكبر من قضية سفير!

0

على مدى اليومين الماضيين انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية بقرار الحكومة باعتبار السفير السوري بهجت سليمان غير مرغوب فيه في الأردن، ومن ثم مغادرته المملكة عائدا إلى بلاده، في انتظار تعيين سفير جديد لسورية في عمان.
وبمتابعة سيل التحليلات والمقالات التي نشرت حول هذا الحدث، طغت أجواء الاستقطاب والمناكفة على قراءة الحدث، عاكسة الانقسام والاستقطاب الذي يلف الرأي العام الأردني ونخبه تجاه تعقيدات الأزمة السورية، فيما بقي القرار وأسبابه وكواليس اتخاذه، في هذا التوقيت، مشوبة بالغموض وعدم توفر حد كاف من المعلومات بشأنها.
الراهن الآن أن صفحة السفير سليمان قد طويت، على الأقل بالنسبة للأردن، وباتت خلفنا، ولا نعتقد أيضا أنها يمكن أن تأخذ أبعادا أوسع أو أكثر دراماتيكية من قبل الحكومة السورية، فالقرار الأردني، بغض النظر عن ملابساته ومبرراته، لم يصل إلى حد إغلاق السفارة السورية في عمان، كما أن مركب العلاقة المعقدة بين الأردن وسورية، في هذه المرحلة، لا يمكن أن تقف محدداتها عند قصة استبدال سفير.
المهم اليوم أن يحافظ الأردن على سياسته المعتمدة رسميا تجاه الأزمة السورية، والتي تمسك بها منذ اندلاعها قبل ثلاث سنوات، رغم الضغوط والملابسات المعقدة التي تعرض لها الأردن.
فالمصلحة الأردنية تجاه الأزمة والنار المشتعلة في “بيت الجيران”، هي في وقف هذه الحرب الأهلية المجنونة، وعملية التدمير المتواصلة لسورية، والدفع بكل قوة باتجاه الحل السياسي لها، وعدم الانجرار إلى رهانات وضغوط الآخرين، وبما يحافظ على وحدة الدولة السورية، ويوقف نزف المعاناة واللجوء للشعب السوري، ويوقف أيضا تحول الساحة السورية لبرميل بارود إقليمي، يهدد بتصدير التطرف والعنف والنار إلى محيطه.
اشتداد الحرب الداخلية والصراع في سورية اليوم، وانكشاف الساحة السورية على كل أجندات الأرض، وإيغال طرفي الصراع في سورية في الدم والتدمير، إضافة إلى مراهنة البعض، في الإقليم والعالم، على إمكانية وجدوى الحسم العسكري، كلها عوامل ومؤشرات على أن الجرح السوري الملتهب في الخاصرة الأردنية والعربية، مرشح لمزيد من “الالتهاب” والنزف، ويهدد بمزيد من الأخطار والتداعيات الأصعب.
ضمن هذه القراءة، يمكن توقع أن يبقى قرار “الطرد الدبلوماسي” للسفير السوري من عمان، في حجمه الحقيقي، وأن يعتبر، في سياقه السياسي، خطوة عادية لن تحمل أبعادا كبيرة، على مجمل السياسة الرسمية الأردنية تجاه الأزمة السورية، والتي نفترض أن محدداتها أكبر بكثير من قصة سفير أو استبداله بآخر.
الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.