صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الوجه الآخر للمناطق التنموية

0

احتلت المناطق التنموية حيزا كبيرا في السياسات الاقتصادية، التي نفذتها الحكومات السابقة، واعتبرتها أحد أفضل الوسائل، التي من شأنها أن تستقطب الاستثمارات من خلال إحداث قوانين خاصة بها تتجاوز البيروقراطية الحكومية في اتخاذ القرار وتوفير الحوافز والتسهيلات للمستثمرين.

لا شك أن ذلك هدف سام يعزز تحقيق عملية التنمية المستدامة، ولكن السؤال المطروح الذي يشغل بال الكثير: أليس باستطاعة الحكومة أن توفر تسهيلات من دون أن تحدث قوانين جديدة ومناطق خاصة، وتمايز في أراضي المملكة؟ ولماذا لا توحد الحكومة الحوافز الضريبية والتسهيلات المختلفة لكل أراضي المملكة بما أن المناطق التنموية تمتلك شكلا آخرا من الحوافز أكثر جاذبية للمستثمر، فلماذا لا نجعل كل المملكة منطقة تنموية وننهي حالة الازدوادجية في التعامل مع المستثمرين؟

الواقع أن الإضافة النوعية، التي قدمتها المناطق التنموية للاقتصاد الوطني قد تكون ضئيلة ومحدودة للغاية؛ فهناك المناطق التنموية في البحر الميت وعجلون والمفرق واربد ومعان، وجميعها بلا استثناء تحولت الى مكاتب لبيع العقار، وفق قانون خاص مرتبط برئاسة الوزراء في حالات معينة، وحتى الاستثمارات التي قدمت إلى هناك، خاصة البحر الميت، فالامر ليس بحاجة الى قوانين المناطق التنموية، وانما بحاجة الى ارادة رسمية بتسهيل قدوم المستثمرين وجذبهم للمملكة، فالحكومة تخلق تمايزا غريبا على اراضيها بالتعامل المزدوج مع المستثمرين، والامر ابسط من ان يكون هناك قوانين للمناطق التنموية واخرى للحرة واخرى خاصة وغيرها من القوانين التي تهدف للاستثمار، والتي تشكل جزرا معزولة في الدولة.

التمايز لم ينحصر في التسهيلات التي تقدم للمستثمرين في المناطق التنموية، وإنما في مساعدة الشركات المسجلة في حدود تلك المناطق على مخالفات التشريعات الاردنية، فغالبية الشركات الأجنبية الكبيرة المسجلة في المناطق التنموية والحرة تقوم بمزاولة نشاط بيع منتجاتها مباشرة، من خلال المناطق التنموية والحرة إلى السوق الأردني لا يتوافق مع التشريعات الأردنية.

فالشركات المسجلة في مدينة الاعمال بدابوق تخضع لضريبة 5 بالمائة، في حين أنها بدأت ببيع منتجاتها للسوق الاردنية بنسف معدل الضريبة المتدني، أما الشركة المسجلة خارج حدود المدينة التنموية والتي لا تبعد عنها سوى أمتارا قليلة تدفع ضريبة على ذات المنتجات 14 بالمائة، فأي خلل ضريبي وتمايز في بيئة الاعمال المحلية.

هذا التمايز السلبي في التعاطي بين الشركات المسجلة داخل المناطق التنموية ونظيراتها خارج المناطق، يساهم بتداعيات سلبية على كافة القطاعات الاقتصادية في الدولة، خاصة التجارية منها.

للأسف الحكومة لا تستمع كثيرا للشركات المحلية بقدر ما تصغي جيدا للشركات الاجنبية التي تحصل على تسهيلات تؤدي الى خلق منافسة غير عادلة مع نظيراتها المحلية، التي بدورها تتراجع أنشطتها واعمالها ويخرج كثير منها من السوق لصالح الشركات الاجنبية، لذلك فالكل يتطلع الى مشروع قانون جيديد للاستثمار ينهي الازدواجية في التعامل بين المستثمرين ويلغي التمايز السلبي الحاصل بين ما يسمى بالمناطق، وقد يكون فرصة لتقييم تجربة المناطق التنموية التي أثبتت أنها ليست بحاجة الى كل تلك الهيئات والقوانين.

[email protected]

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.